16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما أراد "عمر بن عبد العزيز" استرداد ما اغتصبه بنو عمومته من "المال العام" وواجهوه بالرفض، قال لهم: "لولا أنكم تستعينون علينا ببعض من نطلب له هذا الحق لقاتلتكم عليه"! وهي عبارة تدل على عمق وعيه السياسي، وإدراكه أن الجاهل بحقه هو القوة الحقيقية التي يستعين بها لصوص الحقوق، وأنهم يستغلون جهله ليدفعوه للعمل ضد مصلحته.وفي هذا يقول "عبدالرحمن الكواكبي" في كتابه "طبائع الاستبداد":"العوام هم قوَة المستبد وقُوتُه، بهم عليهم يصول ويطول، يأسرهم فيتهللون لشوكته، ويغصب أموالهم فيحمدونه علي إبقائه حياتهم، ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون بسياسته، وإذا أسرف في أموالهم يقولون كريم، وإذا قتل منهم ولم يمثل يعتبرونه رحيما".ولاحظ قوله "بهم عليهم" أي أن المستبد يستخدم الجهلة بحقوقهم، أو "العوام" كما سماهم "الكواكبي" ضد أنفسهم، وبهذا يصبح انتصاره مؤكدا وهزيمتهم لا شك فيها، لأننا لا نكون بصدد قوتين تتصارعان، بل قوة واحدة ـ هي قوة "العوام" ـ تدمر نفسها، بينما القوة الأخرى ـ قوة "المستبد" ـ تكتفي بإدارة هذا التدمير الذاتي، من دون أن ترهق نفسها، فتظل موفورة القوى.ويوضح "الكواكبي" دور "إعلام السلطة" في إدارة عملية التدمير الذاتي هذه حيث يقول: "الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح ـ كذلك ـ النُّصْح فضولا، والغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضا، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحيل كياسة والدناءة لُطْف والنذالة دماثة!"ولا ينافق "الكواكبي" الجماهير، كما يفعل الكثيرون، بل يلقيها في وجوههم صريحة، حيث يقول:"الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية".