17 سبتمبر 2025
تسجيليُعد الشعور بالأمن والسكينة والطمأنينة من أعظم النعم التي إذا تحققت للإنسان كانت بفضل الله أولى خطوات نجاحه واستقراره في جميع نواحي حياته الشخصية والعامة. والجانب المهم من جوانب الأمن والأمان الذي أود طرحه اليوم أو تسليط الضوء عليه هو الأمن الاجتماعي، ذلك الأساس الثابت لكل مجتمع متقدم مزدهر، فالمقصود بالأمن الاجتماعي في البداية: الطمأنينة التي يشعر بها الإنسان عامَّةً، يأمن على نفسه وأسرته وعمله وماله، وينعدم الخوف في نفسه، سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل، يشعر بالأمان داخل بلاده، ولا يخاف عدوًّا ولا فاقةً ولا مكروهًا، يعم السلام والسكينة أرجاء حياته كافة. ولا شك في أن هذا الشعور يتولد بتوافر كل أشكال الأمن داخل المجتمع التي نلمسها بفضل الله داخل بلادنا، حفظها الله ورعاها. لكن الأمن الاجتماعي مفهومه أدق؛ لأنه يتعلق بالأفراد الذين كلما كانوا مترابطين متمسكين بدينهم وبالعادات والتقاليد وأشد حرصًا على الثوابت والأصول كان ذلك سببًا قويًّا لنمو الأمن الاجتماعي نموًّا ملحوظًا، ولا أخفي عنكم سرًّا أنه في العصر الذي نعيشه والتطور التكنولوجي والانفتاح الكبير والانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي بشتى أشكالها واحتوائها على الجيد والرديء وصعوبة التمييز بين الصادق والكاذب والمتعلم والجاهل، فهذا العالم الافتراضي يحوطه الغموض من كل جانب.. لأجل هذا كله لم يعُد الأمن المجتمعي كما كان في السابق، كانت الأحياء (الفرجان) قديمًا مثل أسرة واحدة لا يخشى الفرد على نفسه ولا على ولده ولا على ماله ولا على بيته، كان الترابط أقوى من الآن، حيث كان المربي الأب والعم والخال والجار والمعلم وإمام المسجد. الآن ضعفت أواصر الترابط وقل التكافل المجتمعي وأصبح كل فرد يعيش حياته بفكره وبمفهومه. في الحقيقة، لقد فقدنا شكل الأسرة المجتمعية ذات التوجه العام والمعروف في التربية والنشأة ونمط المعيشة. اليوم، كل أسرة لها أسلوب تربية ونمط معيشة، وهذا ليس عيبًا ولكن المستحدثات أثرت في سلوكيات بعض الأفراد بالسلب فغيرت بعضهم إلى الأسوأ، فصارت طريقة تربيتهم وأنماط حياتهم غير متوافقة مع قيم مجتمعنا الإسلامي والعربي. فصار البعض منا يفتقد الأمن الاجتماعي، ونخاف على أولادنا في مدارسهم من اختلاطهم بصحبة سيئة تفسد تربيتهم، ونخاف على بيوتنا من الفتن، ويبقى بأن الحافظ هو الله سبحانه، ثم جهود الدولة بوزاراتها ومؤسساتها مشكورة وكذلك الخيرين من الرجال والنساء والشباب والفتيات. في هذا الوطن نحاول جميعاً كأفراد بالتعاون مع مؤسسات الدولة جاهدين للمحافظة على التوازن المجتمعي الذي تميز به مجتمعنا في سائر العصور. ومما أثَّر في الأمن المجتمعي ما نشاهده في تطبيقات «السوشيال ميديا» من البثوث المباشرة وما تحمله من المحتوى السيئ والاختلاط والأسلوب والألفاظ المشينة التي لا تتوافق مع شريعتنا الإسلامية ولا عادات مجتمعاتنا العربية وتقاليدها. وبالطبع أصبحت الجوَّالات بأيدي الصغار والكبار، فأصبحنا نخاف على أولادنا وبناتنا أكثر من السابق، نخاف عليهم من هذه الأفكار الهدَّامة المفسدة فأصبحت الرقابة صعبة على كل رب أسرة يخشى على أسرته ويحرص على صلاحها، فالمفسدات ليست بالخارج بل صارت تدخل البيوت عن طريق الإنترنت والجوالات والتطبيقات التي نسأل الله أن يعطينا خيرها ويكفينا شرها. فلا بُدَّ من الحرص على التعاون والتوجيه والإرشاد والتربية السليمة لأبنائنا وبناتنا حتى نُخرج جيلًا واعيًا، وكذلك علينا جميعاً التصدي لكل صاحب فكر مخالف لمجتمعنا المتطور والمزدهر والمحافظ في نفس الوقت على ثوابته، ومتابعة أصحاب المحتوى الهدَّام المفسد لهذا المجتمع الطيب الطاهر حتى لا نشعر بهذا الخوف، لا بُدَّ من تفعيل الإيجابية على الكبير والصغير، وأن نتعاون ضد كل ما يخالف طبيعة مجتمعنا المبارك، وأن نشجع في المقابل أصحاب الفكر السليم الواعي المستنير الذي يخدم مصلحة البلاد والعباد.. حتى نحافظ على الأمن المجتمعي بالكامل ولا نخشى على بيوتنا من هذه الفتن لا بُدَّ من أن نكون متماسكين أكثر، وأن نحرص على الترابط باستمرار. فبذلك نحيا سعداء آمنين، بإذن الله. • أسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل مكروه وسوء وأن يديم علينا بالأمن والأمان وأن يخذل كل من يحاول العبث بهذا النمط الجميل الذي تربينا عليه وكان سببًا في استقامة حياتنا جيلاً بعد جيل، ونسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتنا وينفع بهم البلاد والعباد، ويكتب لهم الخير في الدنيا والآخرة.. اللهم آمين آمين.