11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد تطرق سموه إلى كثير من قضايا المنطقة والعالم لكني أحب في هذا المقال تسليط الضوء على ثلاث قضايا فقط، لاعتبارات عديدة منها أن تناوله لها كان غنيا بالمواقف، فيه شجاعة واضحة، وبعد عن المجاملات المعتادة من الآخرين، وتشخيص دقيق وجاد.الأولى: القضية الفلسطينية التي تهمنا جميعا، والتي تمر اليوم في مأزق شديد، بسبب اعتداءات الإسرائيليين المتكررة على المسجد الأقصى، فقد كان سموه واضحا وصريحا للغاية، وكان مما قاله:قال: «وتظل القضية الفلسطينية قضية شعب شرد من أرضه، شعب واقع تحت الاحتلال، ولا يمكن تأجيل حلها العادل والدائم لجيل تال».«وفي هذه الظروف ثمة واجب دولي لا يمكن التهرب منه تجاه آخر مسألة استعمارية مفتوحة في التاريخ الحديث».«انظروا إلى ما يجري في القدس! قوى دينية سياسية متطرفة تعتمد على تفسيرات حرفية لنصوص عمرها آلاف السنين من أجل تدنيس مقدسات شعب آخر واحتلال أرضه والاستيطان عليها، أليست هذه أصولية دينية؟ أليس هذا العنف إرهابا تقوم به قوى دينية متطرفة».«اسمحوا لي أن أوجه إلى أركان المجتمع الدولي عموما رسالة بأن استمرار القضية الفلسطينية دون حل دائم وعادل يعد وصمة عار في جبين الإنسانية».«يتوجب على المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن القيام بمسؤولياته، باتخاذ موقف حازم يلزم إسرائيل باستحقاقات السلام».ومن دون شك بدا سموه من خلال خطابه أنه كان لفلسطين ولشعبها أكثر من المسؤولين المعنيين بها رسميا، وتفوق خطابه على خطابهم بدرجات كبيرة.الثانية: قضية العراق، لأنها دائما ما يتم تجاهلها من قبل الحكام مجاملة للولايات المتحدة الأمريكية التي غزته وفرضت على شعبه حكومات فاسدة، وبدعم مباشر من إيران. خسر العراقيون حتى الساعة أكثر من مليوني شهيد، ومئات المليارات ولديهم ما يقرب من عشرة ملايين مهجر، واحتلاله وما يجري فيه أخل بالميزان الاستراتيجي للمنطقة، وبدأ الضرر يطال الجميع القريب والبعيد، ومع ذلك يتجاهله الحكام والزعماء، ولا يتطرقون إليه، وأذكر أننا كعراقيين في كل مناسبة نصغي باهتمام إلى هذا الحاكم أو ذاك، عسى أن يمر بالذكر على محنتنا، أو يشير إلى عذاباتنا، لكن للأسف دائما كنا نحبط، لأن الجميع يُذكر على الألسن سوانا، وتستعرض كل المصائب إلا مصيبتنا، وكأننا خارج العالم. حين يقوم سموه، وهو أصغر الزعماء سنا، بالقفز على هذا الواقع الأليم ويخص العراق ومعاناته بالذكر، ويتكلم بتفصيل مفيد في سبيل مداواة جراحه، فإن الإنصاف يقتضي منا نحن العراقيين في أقل تقدير أن نثمن موقفه، وندعو له، ونحييه إجلالا وتقديرا.وسموه في هذا الصدد لم يفعل كما يفعل الآخرون إذا اضطر أحدهم للحديث عن العراق ألقى إلى الحضور بكلمة سريعة، وهو يرمق الرئيس الأمريكي مخافة أن تبدو عليه ملامح الانزعاج، بل تكلم بشكل واضح وتفصيلي، وجريء، فقال:«وبالنسبة للشأن العراقي، فإن استقرار العراق يتطلب توافقاً وطنياً عاماً بمنأى عن أية تدخلات خارجية وبمعزل عن أية تفرقة، طائفية كانت أم عرقية ونأمل أن تتمكن الحكومة العراقية من الوفاء بمقتضيات الوفاق والمصالحة بين مختلف مكوّنات الشعب العراقي. لقد أثبتت التجربة في العراق واليمن أن حالة الميليشيات خارج الشرعية لا تهدّد الدولة بحكم تعريف الدولة وحقها الحصري في تشكيل قوات مسلحة فحسب، بل هي حرب أهلية كامنة تتحول إلى حرب أهلية فعلية عاجلا أم آجلا. وإن أي حل سياسي في العراق أو اليمن أو سورية أو ليبيا يجب أن يتضمن إنهاء الحالة الميليشياوية خارج مؤسسات الدولة الشرعية. وهذا مكوّن رئيس في أية تسوية جدية، فبدونه لا تستقر التسويات، ولا تغدو حلولا حقيقية.ويجب أن تنتبه القوى السياسية في منطقتنا إلى ظاهرة خروج آلاف الشباب في أكثر من دولة عربية مؤخرا للمطالبة بالمواطنة أساسا للشراكة، رافضين تمثيلهم على أساس طائفي، وأن يشكلَّ التمثيل الطائفي غطاءً للفساد».أما القضية الثالثة فهي الإرهاب، التجارة الرابحة لدول العالم الكبرى، فدائما ما يتناول المتحدثون هذا الموضوع بطريقة يظهرون فيه حماسهم في الحرب عليه، وينعتونه بأبشع الصفات، وكأنهم كلما زادوا عليه في الألقاب السيئة، استجلبوا المزيد من رضا المجتمع الدولي، والقوى الكبرى عليهم، حتى باتت المجاملات في هذا الملف سمجة، وثقيلة على النفوس، لكن سموه خرج على المعتاد وتناول هذا الملف بكل موضوعية، وقال فيه كلمته بكل اعتدال وإنصاف وأكد أن من يريد أن يقف بوجه الإرهاب فعليه أن يعالج أسبابه، وكان مما قاله: «تضع ظاهرة الإرهاب بعواقبها الوخيمة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية خطيرة أمام الدول والشعوب»، «ساهم تقاعس المجتمع الدولي عن التصدي لبؤر التوتر والصراع في تهيئة البيئة الراعية لتنفيذ العمليات الإرهابية». «فالإرهاب مصدره أفكار متطرفة لا تقبل أي حل وسط مع واقع الناس وإمكاناتهم وهو ينتعش في ظروف اليأس وانسداد الأفق». «لم ينشأ الإرهاب في منطقتنا في ظل سياسات تضمن للمواطنين العيش بكرامة وحرية، بل نشأ في ظل الاستبداد، وتغذّى على القمع والإذلال، وراكمَ الحقدَ والكراهية من التعذيب في السجون، واستفاد من فقدان الأمل من العمل السياسي السلمي».، «والحقيقة أن سلوكَ القوى المؤثرة في المجتمع الدولي أصبح يشوّشُ تصورات الناس بدلا من أن يساهم في توضيحها».«لقد فرض تزايدُ ضحايا العمليات الإرهابية التعاملَ مع الإرهاب بالقوة العسكرية، ونحن نؤكد التزامنا بمكافحة الإرهاب، ولكن حتى في أقسى الظروف لا يجوز تجاهل الأسباب الكامنة وراءه، وإلا فسوف تكون النتيجة تفاقم الظاهرة وزيادة انتشارها».إنني أحيي من صميم قلبي سموه على كلمته الرائعة في هذا المحفل الدولي، واجد فيها بارقة أمل، عسى أن يتحقق الأمل كله، فينضم إلى هذه القافلة، جميع الحكام العرب والمسلمون، ويكونون صوتا واحدا في المطالبة بحقوق شعوبهم، والدفاع عنها، ويدا واحدة على من سواهم، يومها لن تجرؤ الدول على المساس بنا، والنيل منا أبدا.ولا يسعني في خاتمة هذا المقال إلا أن أقول بلهجة صادقة: شكرا لك سمو الأمير تميم.. خطابكم أثلج الصدور.. ويستحق منا كل ثناء وتقدير.