16 سبتمبر 2025

تسجيل

حرب السادس من أكتوبر..في زمن النكبات العربية!!

06 أكتوبر 2014

يدور الزمن دورته وتطوي الأيام ساعاتها، لتحل علينا الذكرى السنوية الــ 41 لواحدة من أكبر الملاحم العسكرية في تاريخ العرب المعاصر، وهي حرب السادس من أكتوبر عام 1973 التي كانت بمثابة يوم الغفران العربي الحقيقي لكل هزائم المرحلة التي سبقتها.. ففي ظهيرة ذلك اليوم الأغر ( السبت السادس من أكتوبر 1973 ) سطر أبطال الجيشين المصري والسوري في جبهتي السويس وسفوح الجولان أسطورة العبور التاريخية تحت كلمة (بسم الله .. الله أكبر) التي كسرت جدار الصمت وحطمت الحواجز النفسية الرهيبة لسنوات هزيمة الخامس من حزيران/ يونيو 1967 المخجلة، وكان العبور الملحمي لقناة ليس مجرد حالة استبسال وشهادة قل نظيرها في التاريخ الحديث بل كان درسا استراتيجيا تلاقفته الأجيال وخلدته الدراسات العسكرية وحفظه التاريخ العسكري كواحد من أكبر الإنجازات في مسار المعارك الحديثة، وكذلك كان الحال والجيش السوري يثأر لفضيحة بيع الجولان على يد القيادات العسكرية التافهة للنظام البعثي السوري، في ذلك اليوم الساخن توحد العرب بشكل لم يسبق لهم أن توحدوا فيه، وأنهارت أحلام الخائبين الذين تصوروا بأن ماحصل من فضيحة في الخامس من يونيو 1967 هو المستوى الحقيقي للمقاتل العربي فجاء السادس من أكتوبر العظيم لينسف تلك الأوهام ، وليعيد صياغة المشهد.. وكانت تلك الملحمة ثمرة مهمة وأصيلة من ثمرات إعادة بناء الجيش المصري والتخلص من قيادات الهزيمة والفشل والرتب المزيفة، وعنوانا على البطولات والتضحيات التي قدمها الشعب المصري في حرب الاستنزاف الدموية المكلفة منذ عام 1969، رغم التضحيات الشعبية الهائلة بسبب الضربات ااإنتقامية الإسرائيلية وجرائمهم المستمرة ضد العمق المصري، وبرغم كل جراح الهزيمة وآلام المعاناة اليومية، ومشقة إعادة البناء ومذلة طلب السلاح بالقطارة من الحليف السوفياتي وبرغم الوضع الاقتصادي الصعب والظروف السياسية المعقدة بسبب الصراع بين أقطاب السياسة المصرية بعد الرحيل المفاجئ للرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 . لقد عبر المقاتل المصري وحطم أسطورة الجيش الصهيوني الذي لايقهر ومرغ في التراب رايات صهيون وأثبت أن الهزيمة السابقة لم تكن سوى هزيمة لقيادات فاشلة ، وشهدت سيناء والجولان معارك تاريخية بالدبابات والاشتباكات المباشرة ، وتم تفعيل سلاح النفط العربي لأول مرة في التاريخ الحديث.. وتغيرت عوالم وانتهت تلك الحرب بالطريقة التي انتهت بها سياسيا، ولكن ذكراها وملاحمها ستظل درسا للأجيال فهي الحرب التي جعلت العالم بأسره يتكلم العربي وهي التي غسلت كل غبار الهزائم السابقة، ولعلها من أغرب مصادفات التاريخ أن يرحل بطل هذه الحرب وقائدها الأول في نفس يوم نصره، وهو الرئيس أنور السادات الذي استشهد في السادس من أكتوبر 1981، فرحمة الله على شهداء تلك الحرب الميامين الذين حولوا الحلم لحقيقة.... وتأتي الذكرى السنوية لذلك النصر الذي كان والعالم العربي يشهد في العقد الأول من الألفية الثالثة متغيرات كبرى وهائلة وغير مسبوقة بسبب ثورة الشباب العربي التي غيرت كل قواعد اللعبة وأفرزت وضعا جديدا تغير معه شكل وطبيعة إدارة الصراع الإقليمي.. لقد أطلقت حرب أكتوبر المجيدة طاقات الشباب العربي في استجابته للتحدي الإسرائيلي الذي أهدر كرامة أنظمة سياسية مارست الصراخ الإعلامي ولكنه لم يحبط النفوس الحرة الثائرة التي انتفضت من عدوها عبر هزيمته ميدانيا، وثورة الشباب العربي الحر اليوم سواء في مشرق العالم العربي أو في مصر أو في الشام حيث يخوض شبابها وأحرارها معركتهم التاريخية الكبرى التي هي بمثابة الاستجابة الحقيقية لتحدي بناء عالم عربي جديد ومختلف.. الهزيمة ليس لها أصحاب أما النصر فله ألف صاحب وصاحب، والثوار العرب اليوم يقدمون جردة حساب تاريخية لأنظمة الوراثة الحزبية والعسكرية التي أهدرت كرامة الوطن وتسببت في ضياع أرضه، فالجولان المحتلة منذ أن ضمتها إسرائيل لها عام 1981 وهي تستصرخ النصرة، والنظام الذي يحرك جيوشه الخائبة التي أعدها ( للصمود والتصدي ) لايخجل أبدا من توجيه الجيش لضرب وإبادة شعبه والتفنن في قتله، شباب أكتوبر الذين ثأروا للهزيمة القومية مازالت أرواحهم المتوثبة تتأهب لفصل تحرري جديد... وسيقلب أحرار الشام الطاولة على من سرق الوطن وأهان الكرامة، لتبقى روح أكتوبر العظيمة رمزا لنصر تاريخي متجدد لن تندثر إشراقاته أبدا.