17 سبتمبر 2025
تسجيلواقترب موعد رحلة الاشواق "واذن في الناس بالحج"، فهنيئا لمن ستكتب له حجة هذه السنة هاهي بداية العشر من ذي الحجة ثم ايام قليلة تنتهي خير عشرة ايام، ان التاجر يستعد للموسم قبل موعده فهل قمنا بالاستعداد يا تجار الاخرة؟ قبل التطرق لكتابة سطورٍ متواضعة حول الحدث الجليل الذي يشهده التاريخ في كل عامٍ، وحول الملايين الذين يقصدون بيت الرحمن، اود التذكير باعظم ما قد كان بعدما انتهى ابراهيم عليه السلام من بناء الكعبة امره الله تعالى من سابع سماءٍ بأن ينادي في الناس بالحج، قال تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى ضامرٍ يأتين من كل فجٍ عميق) صدق الله العظيم، فقال ابراهيم عليه السلام: يارب كيف أسمعهم؟ فقال الله تعالى (علي البلاغ) اي انا أسمعهم (وكلامه تعالى ليس ككلامنا فليس له صوت ولا لغة ولا حرف )، فنادى ابراهيم عليه السلام كما امر الله تعالى، فسمع كل روحٍ تحج الى يوم القيامة صوت ابراهيم عليه السلام، (هذه المعلومات قرأناها ففهمناها وتمعنا بكلماتها وذكرتُكم بها. ها هو خير المواسم اقبل، تيسر للبعض منا الرحلة الى تلك الديار المقدسة فهنيئاً لهم اختيار الله تعالى لهم ان يكونوا ضيوفه، انها فريضة عظيمة، بقيت قلوبنا بأساها تعزينا ويعتريها من اللوعة ويغمرها الشوق الى بيت الله تعالى وكل عامٍ نسأل الله عز وجل ان يكتبنا من حجاج بيته في السنة المقبلة، ولا ندري انحج يوماً ام تطوينا اطباق الثرى؟ ان لهذه الايام المباركة مكانة عظيمة في صدور المؤمنين الصالحين يتهيأون لأداء فريضة ثمينة ويستعدون لشد الرحال الى الديار المقدسة ولأنهم عرفوا قدر هذه الايام فقارنوها بقدر الاخرة وهان عليهم التعب والشقاء ثم لانهم خافوا الوعيد فقرب الله عليهم البعيد، تنتابني في هذه اللحظات قصة فريدة وعجيبة عن (ابراهيم الادهم) الذي رآه رجل على ناقته فقال له: إلى أين يا إبراهيم؟ قال إبراهيم: أريد الحجّ. فقال الرجل: ولكنّ الطريقَ بعيدٌ أينَ الراحلة؟ فقال إبراهيم: لي مراكبُ كثيرةٌ ولكنّكَ لا تراها. فقالَ الرجل: أينَ هي؟ فقال إبراهيم: إذا نزلتْ بي مصيبةٌ ركبتُ مركِبَ الصبر، إذا نزلت بي نِعمةٌ ركبتُ مركِبَ الشّكر، وإذا نزلَ القضاءُ ركبتُ مركِبَ الرِّضا، وإذا دعتني نفسي إلى شىءٍ علِمْتُ أنه ما بقيَ من الأجلِ إلا قليل. فقال الرجل: سِرْ بإذنِ الله فوالله أنتَ الراكبُ وأنا الماشي (سبحان الذي جعل حُب زيارة بيته في تلك القلوب). لحظة: هناك يطوفُ الناس بالبيت العتيق، يطوفون ببيتِ الله الحرام ولسانُ حالهم يقول: يا ربُّ مهما دُرْنا واستَدَرْنا لا ملجأَ لنا إلا إليك، هناك عندما تستلمُ الحجرَ الأسودَ وتقبّلُه تستحضرُ أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قد مسّتْ شفتاهُ هذا الحجر. دقيقة: هناك إذا صلّيتَ أمامَ الكعبة ورفعت رأسك منَ السجود فطالعتكَ أنوارُ الكعبة، وتنسّمْتَ عَبق شذاهَا، ستجِدُ مرةً أُخرى شاهدًا بأنك عبدٌ لرَبِّ هذا البيت. وقفة (مقتبس) هناك عندما تسعى بين الصفا والمروة تستحضرُ قصّةَ سيِّدتنا هاجر وولدِها إسماعيل لَمّا تَرَكَهُما إبراهيمُ عليه السلام وكان المكان قفرًا صحراء فسَأَلَتْه مِرارًا:" يا إبراهيمُ أين تترُكُنا في هذا المكان الذي ليس فيه سَميرٌ ولا أنيسٌ" وكان يريد أن يطيع الله فيما أمره فقالت له: الله أمرك بهذا؟ فقال نعم. فقالت له بلسان اليقين:" إذًا لا يُضيِّعُنا" وأظهرَ اللهُ لها الماءَ السلسبيل العذب ماء زمزم. موقف: بثيابِ الإحرامِ البيضاء يزدحمُ الناس في عرفات يدعون اللهَ ويبتهلونَ له فإنه يومُ عرفة حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" ما رؤي الشيطان أصغرَ ولا أحقرَ ولا أدحرَ ولا أغيظَ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا أنّ الرحمةَ تنْزلُ فيه فيُتجاوزُ عن الذنوب العظام" بصمة حُب: كيف لا تكونُ هذه الرحلةُ هي رحلةُ العُمْر، وراحةُ العشّاق، يسيرُ الركبُ يحدوهُ الهُيامُ، وتجري دموعُ الحبِّ بانسجامٍ لبيتِ الله الحرامِ، لمحمّدٍ خيرِ الأنامِ بدرِ التمامِ.