29 أكتوبر 2025

تسجيل

إسقاطات "فهد عافت" الليتوستية على سياسة دولة قطر!

06 سبتمبر 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هل رأيت أناساً يخدعون الناس؟ بلغة أخرى، هل رأيت مهرجاً يهرج، وآخر يحتال ليظهر بمظهر سياسي محذلق أو داعية وليس في حقيقة أمره شيء؟ والأمثلة على ذلك كثيرة. غير أن أصعب أشكال الخداع هو خداع الإنسان لنفسه، فيتوهم ما يدعيه حقيقة. يخال للبعض أنهم بلغوا الكمال، ولا تعوزهم معرفة أي أمر آخر، وليس فيما يعيبه الناس أو ينتقدونه فيهم إلا زيادة في قدرهم، بل إن الفساد في موازينهم النقدية! وهذه من الأمراض النفسية المستشرية اليوم. تُرى ماذا يسمي "فهد عافت" هذا المرض النفسي؟ فلعله خير من يملك خزينة اصطلاحية وإن استعصت على علماء النفس كلهم بل على فرويد ويونغ ذاتهما. فقد رأى أن الداء العضال الذي تعاني منه قطر ليس (الجن ولا شيزوفرينيا..)، بل إنه "الليتوست" بحسب تسمية الكاتب الشهير ميلان كونديرا في روايته " الضحك والنسيان"، وهي كلمة تشيكية لا مثيل لها في أية لغة! لذا لا تحاولوا البحث عن المعنى! ففي أبسط دلالاتها تشير إلى أنها سيطرة حالات البؤس المغلفة بالكبرياء عن التنازل إلى حدّ الانتحار، ولا ننسى "يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره". فهل جاءت شياطين الشعر لتمنحه الخيال ليقيس داء "الليتوست" ويسقطه على سياسة قطر؟ هذا جائز. لكننا نختلف معه بحسب المنطق العلمي. لقد وطأ شاعرنا أرضاً ليست أرضه، ولو قرأنا مقالته: "قطر و "الليتوست"! سنصافح أفلاطون- لولا التعميم - حين لعن الشعراء وأخرجهم من جمهوريته واعتبرهم خطراً على الصالح العام. وتظل مشكلة أفلاطون في التعميم أما نحن فإننا نخصص آراءنا على بعض البعض، وفي التعميم جهل، فللشعر والشعراء كيانهم ومكانتهم. كتب "يوسف غيشان سنة 2004 مقال "شغب: الليتوست" ولعل "عافت" متأثر به إن لم يكن مقلداً ؛ لكنه وقع في إشكالية كبرى هي "التحيز". وتتمثل خيوط التحيز في انطلاقه من المصطلح الغربي الغامض "الليتوست" الذي ليس له ترجمة، وهو منبهر فيما نقدّر بالمنتج الغربي ويتبناه دون تمحيص، بل يبدو أكثر تحيزاً إلى "الآخر"، وكتاباتهم ويغض الطرف عن ضعفها في سياقات كثيرة. ثانياً: إظهار الود للجار المخاطَب وتمرير القيم المستترة بتوظيف المعارف الشخصية، لمحاولة هدم التصورات الوطنية، ونفيها من ذهن القارئ بسلسلة من التصورات الوهمية وخلطها بالتاريخ. وأعمق ما يظهره التحيز تناسيه أن الليتوست يُسحب على كل الأنظمة الاستبدادية ومجتمعات البؤس، لا على قطر وهي مجتمع تتيح لأفرادها الحرية بفاعلية ورغد العيش. لا يخفى أن "عافت" تاريخ إبداعي، لكن خلاصة الإبداع كان في شعره لا في مقالاته التهكمية المسترسلة اليوم حول قطر، فأشعاره دفقات روحية وإنسانية، لكن مقالاته ليست إلا منتجاً لواقع افتراضي عقيم أفرط فيها بالثرثرة لخلق الإيديولوجيا. لذا نردف هنا بما وضحه زكي مبارك حينما نوقش لاختلافه مع الغزالي قائلا: ليس الغزالي بأكبر من النقد، ولستُ أصغر من أن أنتقده. بل أكثر من ذلك، فقد وجد أن أنصاره واهمون. وهذا ما أصرح به، فكم نصباً تذكارياً للنفاق رفعه مشاهير دول الحصار، وهذا ما تحصده الأمم من الجماهيرية مقابل غمور النخبوية التي تسكنها لغة الصمت. وقد نلتمس للشاعر العذر لأنه وقع في مغبة "الليتوستية"!، فهل "على نفسها جنت براقش"؟