28 أكتوبر 2025

تسجيل

العراقيون أمام خيار دولة الميليشيات الطائفية الرثة

06 سبتمبر 2016

شكلت زيارة وفد الانقلابيين الحوثيين لبغداد منعطفا حادا في مسيرة وسيرة صراع إقليمي حاد من الواضح إن منطلقاته طائفية بحتة! فحكومة العراق التي استقبل أركانها ذلك الوفد غير الشرعي والمشترك في مؤامرة تدمير اليمن وحرف مسيرتها والانقلاب على الشرعية والانضمام العلني للمعسكر الإيراني قد سنت سنة خبيثة في الالتفاف على الأمن القومي العربي، وفي مساندة طغمة انقلابية جرت الويلات على الشعب اليمني وشعوب المنطقة، فلقاء وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري بوفد الحوثيين تبعه لقاء مع رئيس الحكومة حيدر العبادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم!! وهو ما يعني في المحصلة بأن حكومة العراق بأسرها لم تعد معنية سوى بإدارة تحالفات طائفية يقف خلفها وفي ظلالها النظام الإيراني، خصوصا أن ذلك الوفد الحوثي سيزور أيضا طهران وبيروت! والجميع طبعا أطراف في حلف نوروز ولهم نفس الأجندات والمواقف من القضايا الإقليمية الشائكة حاليا، ويبدو جليا في إطار حالة الصراع الداخلي بأن ثمة تطورات تجري في السر والعلن تمهد لقيام حالة عراقية شبيهة بالحالة الحوثية، وذلك عبر توسع وتضخم الدور العسكري والسياسي لجماعة الحشد الطائفي الذي أضحى اليوم قوة متميزة وكبيرة في الساحة العراقية إلى الدرجة التي دعت هادي العامري قائد الحشد الشعبي الطائفي والعميد في الحرس الثوري الإيراني لأن يصرح تصريحات ذات مغزى خاص ومباشر ومعبر عن وقائع كبرى لأيام قادمة عبر قولته بأن (الحشد أضحى أقوى من الجيش العراقي ومن الشرطة وقوات الأمن أيضا)! وترجمة تلك الأقوال ميدانيا معناها بأن ذلك الحشد هو اليوم بصدد التحول لقوة عسكرية وسياسية كبرى متسلحا بإمكانيات الدولة الإيرانية وعبر خلق نموذج وأطر مشابهة لحالة حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن!! وآيات الله في إيران! وعبر خلق مؤسسة عسكرية عقائدية هي (الحرس الثوري العراقي) والذي تعب النظام الإيراني طويلا على إنشائه واستثمر واستعمل قيادات طائفية عراقية مارست الإرهاب وعملت بإخلاص لخدمة المشروع الإيراني في ثمانينيات القرن الماضي، وعادت بعد احتلال العراق أمريكيا لتتسلل للعملية السياسية ولتحفر لها مواقع شعبية وسياسية تحت الحماية الإيرانية المباشرة، ثم استغلت ظهور وسيطرة (داعش) لتنتزع فتوى الجهاد الكفائي للسيستاني وتبدأ مسيرتها الطويلة للانقضاض على السلطة عبر تحشيد وتعبئة جماهيرية ذات أبعاد طائفية تعتمد على استخلاص الموروث الطائفي بأبعاده العشائرية المتخلفة، والتي أنتجت قيادات ميليشياوية متعصبة مستعدة للمضي بعيدا في تنفيذ الأجندات الطائفية التي تصاغ في المعامل التنظيرية للحرس الثوري الإيراني، ففي لبنان كان النجاح الإيراني الأكبر الأول عبر منظمة (حزب الله) التي تضخمت حتى أكلت الدولة اللبنانية وأضحت عاملا معرقلا في تشكيل وضع سياسي صحي لبناني عبر تعطيلها لاستحقاقات وطنية كبرى من قبيل العجز النيابي عن انتخاب رئيس جمهورية في ظل أوضاع إقليمية صعبة وحساسة!! وفي اليمن كان نجاحا إيرانيا لافتا للنظر من خلال تبديل القناعات الفكرية المعتدلة لفريق كبير من الشعب اليمني وتحويله بعيدا عن تاريخه المتسامح للمضي بعيدا في تيار عدواني جارف لا علاقة له أبدا بالوضع والتراث اليمني المسالم! أما في العراق فكان نجاحا تاريخيا بعد تدمير الأمريكان للدولة العراقية، وتفتت الشعور الوطني، وسيادة الولاء الطائفي والعقلية الرجعية الرثة، وهيمنة أحزاب طائفية عريقة في عمالتها التاريخية حتى تحول العراق لأكبر دولة فشل في التاريخ المعاصر! الإيرانيون قدموا الكثير من أجل إنتاج نماذج سياسية وفكرية مشوهة طائفيا أضحت اليوم تتحكم للأسف بمسارات عديدة في أشد مناطق العالم توترا وحساسية! كل المؤشرات تؤكد وبشكل قاطع أن العراق بات يتجه بوضوح للتحول لدولة ميليشيات وأن هيمنة الجماعات الإيرانية أضحت من طبائع الأمور.