16 سبتمبر 2025

تسجيل

في رحاب رمضان

06 يوليو 2014

لشهر رمضان فضل على باقي الشهور لا يعلمه إلا من خبر وعرف وفهم، والحكاية ليست كلاما يردد دون عمل وجهد وتعب، وقد كان صحابة النبي عليه الصلاة والسلام أعلم الناس بهدف المسلم الأكبر في رمضان، وأعني تكفير الذنوب، ولهذا كانوا يستقبلونه بهذا المعنى، كما ورد عن عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يقول: "مرحباً بمطهِّرنا من الذنوب". وكانوا يكثرون من الدعاء بالمغفرة، فقد كان عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - إذا أفطر يقول: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي". ويقول معلى بن الفضل: "كان الصحابة يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم"، وقال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، اللهم سلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا". لذا فقد ضربوا أروع الأمثال في إدراك شهر رمضان، وفي استغلال شهر رمضان، أحسن استغلال، فجاءت أخبارهم بأنواعٍ من الطاعات، ومن أبرز تلك الطاعات، قيام الليل، وقراءة القرآن وإطعام الطعام، هذه العبادات الثلاثة، كانوا يهتمون بها أشد الاهتمام.وإذا كان طبع الكرم من صفات العربي، فإن الكرم واجب على كل مسلم تجاه أخيه المسلم، وخاصة إذا كان المسلم محتاجا مسكينا، وقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، طوال العام كريما جوادا ولكنه كان أجود الناس في رمضان، لأن رمضان له حال خاصة، وله شعور خاص، وله إجتهاد خاص، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ، يجتهد فيه كثيراً في الخير وبذل الخير، ويجتهد فيه في قراءة القرآن، ويجتهد في القيام أيضاً، كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن، فَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، ولكم أن تتصوروا الريح المرسلة، كما يؤكد على ذلك أهل التفسير.. فالريح المرسلة حين تاتي تدفع سحابا فتصير هذه الريح المرسلة تجمع وصفين: وصف كمي، و وصف كيفي.هذه الريح المرسلة إنما تدفع سحاباً، والسحاب إذا أمطرت عمت سحاباً واسعاً، والريح المرسلة إذا أُرسِلت أسرعت، فصلى الله عليه وسلم بالخير في كيفيته سريعاً، وفي كميته واسعاً، يغطي أرجاء كثيرة، فأصبح في عطائه وبذله قد بلغ الكمال كمّاً وكيفاً بالخير، وهذا في الجود أما عن سلف النبي صلوات الله عليه في رمضان فنحكي عنهم في عجالة، ومن ما رواه عبدالعزيز بن أبي داود يقول: (أدركتهم – يعني أولئك السلف- أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم، أيُقبل منهم أو لا؟).و كان منهم مالك ابن أنس – رضي الله عنه - كان إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم .... سبحان الله تفِر من الحديث ومجالسة أهل العلم ؟ إلى أين يا مالك؟يقول: (كان مالك إذا دخل رمضان يفر من الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف) وإن كنت تريد أخبار الناس عامةً في زمن من أزمان السلف، فيروي لك البيهقي –رحمه الله- في سننه:عن السائل ابن يزيد –رحمه الله- قال: (أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس في رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر، الله أكبـر، يعني قُبيل الفجر، هذا هو حالهم !وكان ابن عمر ماذا يفعل ؟ - رضي الله عنه وعن أبيه -كان ابن عمر – رضي الله عنهما- إذا قام مع الناس الليل في مسجد رسول الله وانصرف الناس، رجع ابن عمر – رضي الله عنهما- إلى المسجد بعد انصراف الناس، أخذ إداوة من ماء وخرج لمسجد رسول الله، ثم لا يخرج منه حتى يصلي الصبح أما إن أردتَ أخبارهم من إطعام الطعام ، وتصدقهم .. فقد كان ابن شهاب الزهري – رحمه الله- فإذا دخل رمضان، فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام .. وكان حماد بن أبي سليمان، يفطّر في شهر رمضان، كم واحداً يا ترى؟ يفطر في شهر رمضان خمسمائة إنسان !!وأخيرا هذا غيض من فيض مما كان يفعله الصحابة والتابعون في رمضان وما زال للحديث بقية بإذن الله وسلامتكم.