18 سبتمبر 2025

تسجيل

عقوق الوالدين

06 يوليو 2014

إن العبد يفرح بالنعمة ويتمتع بها "فأما بنعمة ربك فحدث"، فعندما تكون في نعمة وخير التجئ إلى ربك ورطب لسان بعظيم الشكر والامتنان، واحذر أن تكون النعمة سببا في ضياع عملك في الدنيا وجحودك على أقرب الناس إليك فتخسر الدنيا والآخرة، فالنعم لا تعاب ولا تكره إلا إذا امتزجت بجحود أو اقترنت بضلال ومعصية وبعد عن الهدف وامتلأ صاحبها بالعجب والتيه فتؤدي به إلى الضلال وتورده المهالك وتكون سببا في خلوده في النار والعياذ بالله، فإن الذي يتطاول بعلمه أو يتكبر بماله أو يغتر بذاته دائما يبتليه الله بنكبات لا مخرج منها إلا برحمة العزيز المنان، فقد يوكلك الله إلى نفسك ويمنع الارتواء عن بستان قلبك فلا سند لك ولا ظهير فتكون كالذي برأسه يدبر حاله كما كان يظن أنه ملك الدنيا وبيده زمام الأمور، فإن الله تعالى يرفع عنه غطاء رحمته، أما من ستر نفسه برداء الطاعة فقد دخل حصن الله الحصين ونوره المبين الذي من دخله كان من الآمنين، إن الأعداء لديهم بضاعة يقدمونها ويصدرونها إلى الضعاف وهي كل ما يسلب الأخلاق ويدمر القيم ويذل الأمة ويخدر شبابها ويميع أبناءها، فهم يقلدون غيرهم في كثير من أمور الحياة والاستهتار والانحلال وفي التخلي عن الروابط الاجتماعية والجرأة على المحرمات الشرعية، إن غزوهم شامل في العقيدة والاقتصاد والتعليم وجميع مناحي الحياة.لذا فعلينا أمة الإسلام جميعا أن نكسر هذه الأغلال ونحطم هذه القيود، إن ديننا الإسلامي ثري بتعليماته وآدابه وقيمه مما يحقق لنا الرفعة والكمال، فالإنسان في شهر الخيرات يسعى بكل جهده وطاقته نحو البر يطمع في رحمة ربه ويخشى عذابه لعله يلحق بركب الصالحين فهو يصوم لله ويتقرب إليه بالأعمال الصالحة ولا تكون الوسائل الحديثة وسيلة لعقوق الوالدين وانشغالك بهذه الوسائل عن بر والديك وطاعتهما والإحسان إليهما، فبر الوالدين يكون بالإقبال عليهما بالقلب النابض بالحب، واليد المبسوطة بالبذل خاصة في أيام رمضان والتي يضاعف الله فيها الأجر الحسنة بعشر وتضاعف أضعافا كثيرة، ويبرهما بالكلمة الطيبة والبسمة المفعمة بالود، وإن هذا البر لخليقة أصيلة من خلائق المسلمين وما ينبغي للمسلمين أن تغيب فيهم هذه الخليقة مهما تعقدت أمور الحياة، ومهما طرأ عليها من تطور ومهما تجمع فوقها من ركام العادات المستورة، فهي من الخلائق التي تحفظهم من تحجر القلب وتقيهم من أنانية السلوك، وتردهم إلى أصالتهم وإنسانيتهم ووفائهم إذا ما تردى غيرهم في حضيض الأثرة والجحود والكفران وهي فوق ذلك كله تفتح لهم أبواب الجنان، ومن أبرز صفات المسلم الحق البر بالوالدين والإحسان إليهما، وذلك لأن البر بالوالدين من أجل الأمور التي حض عليها الإسلام وأكدتها نصوصه القاطعة الحاسمة، والمسلم الواعي المتمثل هذه النصوص الوفيرة التي استفاضت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها تدعوا إلى البر بالوالدين وحسن مصاحبتهما، فلا يسعه إلا أن يكون البر بالوالدين سجية من ألزم سجاياه وخليقة من أبرز خلائقه، فهدي الإسلام يقوم على بث روح المسؤولية واحترام القيم، وتعويد الأبناء على احترام الأنظمة الاجتماعية ومعايير السلوك فضلا عن المحافظة على حقوق الآخرين واستمرارية التواصل ونبذ السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء، مثل التعصب الذي يعده البعض اتجاها نفسيا جامدا ومشحونا وانفعاليا، وكذلك ظواهر أخرى تعد محرمة دينيا، أو التقرب منها يعد عدوانا على حقوق الغير، ويسمو القرآن الكريم في تصوير مكانة الوالدين وبسط السلوك الخلقي الواقي الذي يجب على المسلم أن يتتبعه في معاملة والديه إذا تنفس بهما أو بإحداهما العمر وأن يحيطهما بأجمل مظاهر الاحترام والتقدير، ويغض من صوته أمامهما تأدبا منهما وإجلالا لهما ويخفض لهما من جناحه، وينتقي العبارات المهذبة اللطيفة في حديثه معهما، فلا يجري على لسانه معهما لفظ ناب أو عبارة خشنة جارحة ولا يبدو منه في تعامله معهما فعل عار عن أدب التوقير والتكريم والإجلال.