11 سبتمبر 2025

تسجيل

البيئة الخضراء

06 يوليو 2011

غالبا ما تكون البساتين والحدائق أماكن غنية بالتنوع البيولوجي، بحيث تشكل المساكن الأساسية لعدد كبير من النباتات والحيوانات، وتعمل هذه الأوساط باستقرارها منذ زمن بعيد على جذب عدد كبير من الحيوانات كالطيور والثدييات رغم أن مسكنهم الطبيعي هو الغابة. وبما أن جزءا من الكائنات الغانية تعيش في الأوساط الحضرية التي توفر لها غذائها اليومي فهي تعتبر أوساط مهمة جدا ويمكن استغلالها في عملية التحسس البيئي للتعرف على الطبيعة. اعتبرت الطبيعة المستحضرة من طرف الإنسان أقل أهمية من الطبيعة التي لم تشهد أي تغيير في مكوناتها وأنها تتميز بعدد قليل من أنواع الكائنات الحية مقارنة بالأخرى. غير أن باحثة إنجليزية تملك بستانا عاديا فيه 700م2، يتكون من مزيج من أنواع من النباتات منهم البرية ذكرت أنها تستقبل في بستانها عددا كبيرا من الحشرات البرية ومنهم 30 % من الفراشات، وهذا ما يؤكد أن هذه الأوسط تستجيب لمتطلبات الكثير من الكائنات الحية. والسبب الذي يؤدي بالمساحات الخضراء في الأوساط الحضرية أن تكون فقيرة من حيث التنوع البيولوجي هو كونها مغطاة بأحجار أو بطبقة عشبية من نوع واحد وبأشجار منعزلة. تقوم الأشجار بامتصاص بعض الملوثات الغازية كالأوزون، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد الأوزون بذلك تصفي الهواء منها. ولما تقوم الأشجار بعملية نتح بخار الماء فهي تساهم بذلك في انخفاض درجة حرارة هواء الجو. تلعب أيضا الأشجار المغروسة على حواف الطرقات وحول المصانع دورا كبيرا في تصفية الهواء من الملوثات ولكنها لا تعتبر وسيلة لمحاربة التلوث من مصدره. وقد أكد أريس – 1992 – أن النباتات تساهم بنسبة قليلة في عملية تزويد الهواء بغاز ثاني أكسيد الكربون والأكسجين في المدن، وأن عملية البناء الضوئي في المحيطات تمثل 70 إلى 90 % من منتجي الأكسجين في العالم لذلك لابد من حمايتها من التلوث. وأي نقص ولو طفيف في نسبة أكسجين الهواء قد يسبب ارتفاعا كبيرا في نسبة غاز الكربون وهذا ما يزيد في الاحتباس الحراري الذي يسبب بدوره ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتؤكد دراسات عديدة نفسية واجتماعية أن المساحات الخضراء والزهور والأشجار واتساعها أمام الإنسان لها تأثيرها الإيجابي على نفسيته بل إن هذه المساحات الخضراء تعمل كمخفف صدمات للعاملين والموظفين والجنود والضباط إذ تخفف من حالات التوتر والقلق، وتنشر بينهم روح الاطمئنان. فما أجمل لمسات الزهور وزقزقة العصافير والبلابل والمفردات الخضراء التي تمنحنا إياها المسطحات الخضراء! فلا يملك المرء إلا أن يذكر الله ويقول سبحان الخلاق العليم، قال الله عز وجل:" انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون". والمؤمن، أولى الناس بالتأمل في خلق الله وإعطاء الجمال الذي صنعه الله، حق قدره، ونحن بهذه اللغة نتعلم ركائز التوحيد فالله جميل يحب الجمال، فقد زين الأرض ببحار وأنهار وجبال وأشجار وأزهار.. وللزهور في اليابان مكانة خاصة من الاهتمام، فهم ينظرون إلى الفتاة التي لا تجيد فن تنسيق الزهور بأنها جاهلة.. ويرجع تاريخ فن تنسيق الزهور إلى بدء الحضارة الإنسانية، فأول من عرفه قدماء المصريين إذ تبين رسوماتهم المنقوشة على الجدران أنهم كانوا ينسقون الأزهار ويستخدمونها في تزيين منازلهم.. كما برع الإغريق في تنسيق الزهور على الأواني.. وقد أحب الفرس الزهور ونقشوها في سجاجيدهم.. ومازالت إسبانيا تحفل بحدائق الأندلس إلى اليوم ونحن في اليمن أحوج ما نكون إلى الاهتمام بالأزهار والمسطحات الخضراء خاصة مع التزايد في عدد السكان وكثرة وسائل النقل والمواصلات وكثرة المصانع وكذلك التوسع الرأسي والأفقي في الإسكان أصبحت الحاجة ملحة إلى التوسع في المساحات الخضراء وتتضح أهمية المناطق الخضراء أكثر من المدن عنها في الريف حيث الأراضي الزراعية. وقد أصبح التشجير واستغلال حتى أصغر المساحات في الدوائر الحكومية والجهات الرسمية بمثابة ضرورة وليس ترفاً أو رفاهية حيث أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن إنتاج الفرد يزيد إذا وجد في مكان فيه خضرة دائمة ومنظر جميل حيث تضفي هذه النباتات إحساسا بالحيوية والانتعاش الدائمين نتيجة للتقليل من الملل الناتج من الخطوط الحادة والثابتة للمباني والجدران. ولا تقتصر فائدة النباتات سواءً الأشجار أو الشجيرات أو المسطحات الخضراء على التجميل فقط إذ أن لها عدة فوائد كثيرة وهامة جدًا في حياتنا... فالخضرة تؤدي إلى حماية البيئة من التلوث مما يؤثر من الناحية الصحية للمواطنين كذلك فإنها من العوامل المهمة في الحد من تصاعد الغبار وذلك عن طريق تثبيت التربة بجذورها وذلك يساعد أيضاً على الحد من الأمراض الصدرية. كذلك توفر التظليل.. ومن فوائد الأشجار تقليل الإشعاع الضوئي عن طريق انعكاسات الأشعة على الأوراق مما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة ومع انخفاض درجات الحرارة وكذلك انخفاض الإشعاع الشمسي ومنع وصول الرياح وتقليل حركتها يؤدي ذلك إلى رفع الرطوبة الجوية كما أن زراعة الأشجار تؤدي إلى تقليل الضوضاء عن طريق انكسار الصوت وامتصاصه من الأشجار وهذه الضوضاء تسبب ضغطًا عصبيًا على الإنسان وهي ناتجة من ثقل حركة المرور وأنواع المركبات المختلفة والأسنان وسلوكياته، كما أن الأشجار تؤدي إلى زيادة إنتاج الأكسجين عن طريق عملية التمثيل الضوئي حيث تمتص الأشجار ثاني أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين وبالتالي يكون الجو صحيًا ونقيًا. كما أن الأشجار تنظم الهواء داخل المدن حيث أيضا تساعد في تحديد مسارات الرياح عند زراعتها في الاتجاهات التي تهب منها الرياح، وما الحدائق إلاّ رباط قوي بين الإنسان وما يحيط به من عالم يعيش فيه، فالإنسان يشعر بالفطرة بحاجته الشديدة إلى وجود مكان تهدأ فيه نفسه وتطمئن إليه أحاسيسه ووجدانه ويستريح فيه بالتطلع إلى جماله يعوضه الكثير من عناء مشقة العمل. تعتبر الحدائق العامة والمتنزهات والمساحات الخضراء من أساسيات تخطيط المدن الحديثة والتي تعمل البلديات على إنشائها لتكون مرافق عامة للمدن للنزهة وقضاء أيام الراحة والإجازة للسكان والترفيه عنهم.