14 سبتمبر 2025
تسجيلالعمليات الإرهابية التي ضربت المملكة العربية السعودية في القديح والدمام أحد شرور الفتنة والتطرف التي تتجول في المنطقة وربما لا تستثني مجتمعا أو دولة لأننا في حالة سيولة فكرية ودينية تسمح بمزيد من الاختراقات التي ينفد من خلالها التطرف، خاصة أن هناك نوعا من الفوضى التي تنتشر في أكثر من بلد عربي خلقت مناخا عدائيا وعنيفا ومدمرا يصلح لظهور تنظيمات متطرفة.استهداف المساجد أحد أخطر مراحل التطور السلبي للتطرف وتمييز أبناء الوطن والأمة، وهي عمليات مكشوفة لا يتوقع معها أن تثمر انشقاقا أو تمايزا بين التيارات المذهبية والاجتماعية لأن العقل الاجتماعي يملك من الوعي ما يحصنه أمام حوادث وحالات استثنائية ستصبح طارئة على المرحلة الراهنة.الدين الإسلامي يتكون من عدة مذاهب عقدية وليست بالضرورة متفقة على الفروع والتفاصيل الفقهية، كما أن هناك مذاهب مالكية وحنبلية وحنفية وشافعية، فليس ذلك موجبا للخلاف إذ بينها اختلافات، وذلك ما ينبغي أن يسير عليه الحال بين السنة والشيعة والصوفية وغيرهم، فهم يؤمنون بالله الواحد ورسوله الخاتم، والاختلاف فيما عدا ذلك لا يعني التماس الموت والغدر وإزهاق الأرواح، لأن للجميع مرجعية وهي القرآن والسنة، والذي يحاسب هو الله وليس العباد.المشكلة الأكبر في التطرف هي المصادرة العقلية للآخر المختلف عن المتطرف، لا يمكن أن يكون الدين حكرا على فئة دون أخرى، ولا أحد يضمن الجنة ورضا الله مما يفعله ويقوم به في حياته، كما لا يمكن أن يقطع متطرف بأنه هو الذي على المنهج الصحيح والصراط المستقيم وهو لا يدري إن قبل منه عمله وعبادته أم لا، فإذا كان كذلك فهو ليس متطرفا وإنما مجنون وبلا عقل لأنه لا أحد يعلم ذلك إلا الله الذي يعلم ما تخفي الصدور وما تفعل النفوس في سرها وجهرها.هناك كثير من الدلالات التي تدعونا إلى الرفق واللين والحسنى والتعامل الرقيق مع الآخرين، لأن الدين متين وشديد ولا حاجة فيه للقتل وسفك الدماء واستباحة الحرمات لنصرته، ذلك عين الخطأ الذي لا يراه المتطرفون بضيق أفقهم وانسداد بصيرتهم، نحتاج معهم إلى مراجعات وخطاب دعوي ارتدادي يرشدهم إلى أن الدين لا يحتاج ما يفعلون وفي غنى عنه، ولا يمكن نصرته بأساليب باطلة من وحي الشيطان.