12 سبتمبر 2025
تسجيليستحق الشعب السوري أن ينعت بكل أوصاف البطولة، لأن السوريين قدموا خلال 6 سنوات من الإرهاب والمجازر والقتل والإبادة ما يعجز عن تقديمه أي شعب آخر، قياسا بالفترة الزمنية القصيرة لهذه الإبادة المستمرة. بعيدا عن كلام السياسة الممجوج، وألاعيب اللغة السخيفة، والألفاظ المقعرة، فإن الشعب السوري نسج وحده حالة أسطورية من الصمود والمقاومة والقتال والانتصار أيضًا رغم حمم الموت التي تحيط به من كل حدب وصوب.خمس سنوات فقط كانت كافية لنظام الأسد الإرهابي الحاقد كي يفرغ ما استطاع من حقد مسموم، وهي كمية تكفي لقتل البشرية كلها، ولو امتلكوا الأدوات لفعلوا ذلك من دون تردد.الشعب السوري انطلق من إعلان الرفض إلى العصيان المدني ثم إلى الكفاح المسلح من أجل إسقاط الطاغية، ولم يكن هذا الشعب ليستخدم السلاح لولا أن الفئة الباغية المجرمة التي يقودها الأسد بادرت إلى الأسلوب الذي تتقنه وهو القتل بلا حساب، ولم يكن لهذا الشعب أن يستخدم العنف دفاعا عن نفسه إلا بعد أن استخدم نظام الحقد الطائفي البعثي فائضا من العنف يكفي لقتل الشعب كله.لم يتردد السوريون أبدًا في إعلان موقفهم من اللحظة الأولى التي خط فيها الأطفال عبارة "جاك الدور يا دكتور.. الشعب يريد إسقاط النظام" على جدران درعا، ومنذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها أهل درعا العصيان على ممثل الأسد المجرم الذي طالبهم بإحضار نسائهم من أجل الإفراج عن الأطفال الذي كتبوا ضد الأسد على الجدران، لم يتردد السوريون في المقاومة منذ أن أعلن زبانية النظام شعارهم الشهير "الأسد أو نحرق البلد"، ولم يتراجعوا قيد أنملة إلى الوراء، بل استمروا في الزحف إلى الأمام، في القتال ضد هذا النظام الدموي القاتل، ولم يتلكأوا بحمل السلاح دفاعا عن حريتهم وإرادتهم ووطنهم وشرفهم ودينهم، فسطروا الملحمة الكبرى التي لم يعرف لها التاريخ الحديث مثيلا، فتحول السوريون من "شعب" إلى "أسطورة"، ومن "بشر" إلى "أبطال خرافيين" مثل الأبطال الذين اخترعهم الخيال الإنساني، لكن أبطال سوريا ليسوا خيالا بل حقيقة يراها القاصي والداني.منذ اليوم الأول أعلن السوريون "ما إلنا غيرك يا الله".. لقد كانوا يستشرفون المستقبل ويعلمون إنهم محاطون بالأعداء من كل جانب، عرب وعجم، شرق وغرب، أقليات وأكثريات، محاطون بالكفار والزنادقة والمارقين والخارجين والخائنين والحاقدين والكذابين والمتآمرين والمدعين والمنافقين، محاطون من القتلة والإرهابيين والمجرمين، وممن يريدون إنزال "الرب" من السماء، أو إخراج "الرب" من السرداب.. رغم كل ذلك صمدوا وقاتلوا وقاموا وقالوا: "نحن هنا ولن يقتلعنا أحد".قاتل السوريون الواهمين بصناعة إمبراطورية فارسية، أو إمبراطورية داعشية، وقاتلوا الذين يذرفون عليهم الدموع بينما يغرسون السكاكين في ظهورهم، وقاتلوا الذين تعشعش ثارات التاريخ في رؤوسهم من "يا لثارات الحسين" إلى "لن تسبى زينب مرتين".قاتل السوريون كل هؤلاء وصمدوا كل هذه السنوات، وقدموا نصف مليون من الشهداء على مذبح الحرية دفاعا عن حقهم بالحرية والكرامة والعدالة، ولذلك استحقوا أن أقول لهم: "أيها السادة.. أنتم سادتي"، وأن أقول للشعب كله: "سيدي الشعب السوري" ونعم السيد هو.