18 سبتمبر 2025

تسجيل

المبادرة الفرنسية.. هل تصنع الفرق؟

06 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أحسب أن أغلب المراقبين (وأنا أحدهم) غير متفائلين بخصوص فرص نجاح المبادرة الفرنسية الأخيرة والمتعلقة بعقد مؤتمر دولي في نهاية الشهر الجاري، لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فنظرا لتركيبة حكومة نتنياهو التي تمثل مصالح القوى التي تؤيد التوسع والاحتلال فإنها حتما لن تبني على أي زخم يمكن أن تولده المبادرة الفرنسية، وفي حال موافقة حكومة نتنياهو المشاركة في المؤتمر المزمع عقده فإن القليل فقط يمكن أن ينجم عن هذا المؤتمر. وبعيدا عن التشاؤم فإن فكرة انعقاد مؤتمر دولي يخصص لحل الصراع بين الفلسطينيين تأتي بمثابة تذكير للمجتمع الدولي بأن الاحتلال الإسرائيلي ما زال جاثما على صدور الفلسطينيين وأن الشعب الفلسطيني ربما الوحيد في المنطقة الذي لم يمارس بعد حقه في تقرير مصيره أسوة بباقي الشعوب. ويكتسب توقيت طرح فكرة مؤتمر دولي أهمية لأن القضية الفلسطينية لم تعد على صدارة المشهد العربي الذي بدأت دول رئيسه فيه تعريف مصادر التهديد بشكل مختلف ناهيك، عن دول ما زالت تترنح تحت شدة وطأة ثوارت الربيع العربي المكتمل منها وغير المكتمل. بمعنى أن المبادرة الفرنسية تدفع بقضية نسيها الكثير من العرب إلى الواجهة من جديد. طبعا، سيجادل البعض بأن جهدا دبلوماسيا لحل القضية الفلسطينية لا تتبناه وتدعمه الإدارة الأمريكية لا يمكن أن يكتب له النجاح، وفي هذه المقولة جزء كبير من الحقيقة، ومع ذلك فقد ثبت انعدام فعالية إدارة الرئيس أوباما عندما وضع نصب أعينه دفع الطرف الإسرائيلي على التقدم نحو السلام، ولم يمض سوى وقت قصير حتى رفعت إدارة أوباما الراية البيضاء معلنة أنه ليس بوسعها التوسط أو دفع أي طرف من أطراف الصراع على تقديم التنازلات الضرورية لعقد اتفاق سلام. وربما ليس على العالم دائما انتظار ما تقرره الإدارة الأمريكية التي بدأت بالفعل فك الارتباط التدريحي مع المنطقة، ولا يبدو أن المجتمع الدولي سيستمر في قبول أن تبقى إسرائيل فوق النقد، ففي السنوات الأخيرة بدت إسرائيل معزولة وحتى الدول الأوروبية التي تتعمد بأن لا تنتقد إسرائيل بدأت تشعر بأن الكيل قد طفح، فهذه المستشارة الألمانية أنجيلا مريكل تقول إنها تتفهم لماذا تحاول السلطة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة، وفي مقولتها هذه انتقاد واضح إذ تحمّل المستشارة الألمانية إسرائيل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن ناحية أخرى يبدو أن تصريحات ميركل تعكس حالة من عدم التواصل بين الأوروبيين وإسرائيل. وعودة على بدء، تقترح فرنسا أن المؤتمر المزمع عقده بعد أقل من ثلاثة أسابيع سيستند إلى مبادرة السلام العربية والتي تنادي بحل الدولتين والاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها وكذلك التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين. وكان أرئيل شارون قد رفض مبادرة السلام العربية عندما أعلن عنها في عام ٢٠٠٢ واعتبرت أن ما ورد فيها يعد شروطا مسبقة، وجاء رفض شارون في ظل تعالي شعار "دع الجيش ينتصر" الذي كان شائعا في إسرائيل إبان اندلاع انتفاضة الأقصى. وعلى نحو متوقع لا يبدو أن نتنياهو سيقيم وزنا لمثل هذه المبادرات، وما إصراره على مسألة استئناف المفاوضات دون قيد أو شرط إلا سحابة دخان تخفي خلفها حقيقة مرة تتعلق بعجز إسرائيل وعدم رغبتها في المضي بعملية سلام حقيقية تفضي إلى حل يعيد للفلسطينين بعضا من حقوقهم. والحق أن القادة الإسرائيليين يشعرون بأن البيئة الإستراتيجية مريحة بالنسببة لهم وبخاصة في ظل تشرذم النظام العربي وفشل الثورات العربية في تأمين الاستقرار والأهم ربما هو استمرار الصراع السريالي للفصائل الفلسطينة على سلطة غير موجودة على أرض الواقع. لهذا السبب لا تشعر القيادة الإسرائيلية بأن عليها دفع أي ثمن لقاء تعنتها.بكلمة، إسرائيل لا تدفع ثمنا لتعطيل فرص الحل ولا أبالغ عندما أقول إن كلفة عدم الحل إسرائيل هي أقل من ثمن الحل لذلك فرصة نجاح المؤتمر تكاد تنعدم. في كثير من الأحيان لا تقدم إسرائيل أي تنازل إلا إن كان ثمن التعنت أكبر بكثير من ثمن تقديم التنازل، ربما على المجتمع الدولي أن يفكر مليّا في كيفية خلق مسار التفاوض ووضع عقوبات على من يعطل الحل. وغير ذلك يبقى الأمر برمته تمرينا غير مفيد. ولهذا يقول إينشاتين "الجنون هو أن تفعل ذات الشيء مرة تلو المرة وتتوقع نتيجة مختلفة".