11 سبتمبر 2025
تسجيلقالت الأنباء أن إدارة الرئيس أوباما تفكر في تقديم الدعم العسكري واللوجستي إلى الكيانات الكردية والسنية مباشرة وبعيدا عن إشراف حكومة العراق المركزية إذا تعثرت جهودها في تقديم هذا الدعم بطريقة سلسة بسبب خلافات السياسيين في الحكومة المركزية. بالمكشوف الواضح هذه خطوة ماكرة وخبيثة وذريعة من الذرائع الأمريكية التي لا ينضب معينها للمضي قدما في إكمال مشروع تفتيت ما تبقى للعراق من مظاهر القوة المعنوية بعد تدمير قوته العسكرية والاقتصادية وكامل نسيجه الاجتماعي والسياسي العراقي بصور باتت تخدم كل المشاريع المريبة. وتضيف المزيد من المشهيات في موائد الباحثين عن الأمجاد العرقية ولو عن طريق تفتيت ما تبقى من العراق المتحد. لقد كنت من الذين تواجدوا في العاصمة الأمريكية واشنطن، وعلى بعد خطوات من البيت الأبيض والكونجرس والبنتاجون (وزارة الدفاع) أثناء حملات إدارة الرئيس بوش الإبن المسعورة لإقناع الشعب الأمريكي لشراء مشروعه لغزو العراق تحت دعاوى التصدي لخطر صدام حسين الداهم على البشرية، وقد أصبح على بعد خطوات قليلة من امتلاك كل أنواع أسلحة التدمير الشامل من بايولوجية وكيمائية ونووية. وقدر لى أن أعيش في أجواء الأكاذيب الممنهجة التي كانت تؤلفها وتخرجها أجهزة الدعاية الأميركية والصهيونية عن دخاخين المشروع النووي العراقي التي أصبح العالم على قاب قوسين منها أو أدنى مما يستلزم تحرك العالم فورا لتلافي ذلك الخطر. و(تحرك) العالم الفوري كان يقصد به أن يمنح الكونجرس الأمريكي موافقته على شن الحرب على العراق. وكان أربعة أشخاص من الأشرار في الإدارة الأمريكية يتولون كبر تأليف تلك الأكاذيب وإذاعتها في تناغم تام مع اللوبي الصهيوني في واشنطن – هم نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، ووزير الدفاع، دونالد رمسفيلد، وكوندليسا رايس، وزيرة الخارجية. وبول ولفويتز، نائب وزير الدفاع. وهؤلاء جميعا هم غلاة المحافظين الجدد الذين وفدوا على الحزب الجمهوري في أوائل ثمانينات القرن الماضي بعد استقالتهم من الحزب الديمقراطي رافضين ما أسموه ضعف سياساته الدفاعية. وقد كانوا مدفوعين بحماس شباب يتصور أنه قادر على تغيير العالم بالقوة المسلحة. وهذا هو ما طبقوه عمليا في العراق. وقف الشعب الأمريكي محتارا بين ما يعرض عليه من أكاذيب مرتبة بعناية وبين ما يعرف من خطورة الحرب من تجربته مع حرب فيتنام. وزاد من حيرة الشعب الأمريكي ما كان يرى من تهافت العملاء العراقيين في القنوات الفضائية الأمريكية لكي يقنعوا المشرعين الأمريكيين المترددين بأن الخطر العراقي النووي هو حقيقة ماثلة. بقية القصة المأساة أصبحت معروفة ومعاشة الآن. غزا الرئيس بوش العراق ودمره وسلمه في نهاية المطاف إلى إيران. ولكن ها هي أمريكا التي لا تتعظ تغازل الأكراد والعرب السُّنة من جديد. وتهفو للتعامل معهم كمشروع دولتين عراقيتين منفصلتين في المستقبل إذا لزم الأمر. نعيد السؤال بغبن شديد: ماذا تريد أمريكا أن تفعل بالعراق أكثر مما فعلت به حتى الآن.