18 أكتوبر 2025
تسجيلإن الشيك ورقة تجارية تجري مجرى النقود فى الحياة اليومية وتعتبر أداة من أدوات الوفاء والحقيقة أن أطراف الشيك لا يشعرون بقيمته وخطورته إلا عند خروجه عن المسار الطبيعي الذى رسمه القانون كأداة وفاء شأنه شأن النقود.واستكمالاً للمقال السابق نلقي الضوء على الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية والجنائية فى قضايا الشيكات ونعتمد على معيار سرعة تنفيذ الحكم للمفاضلة فى اختيار أفضل طريق سواء الطريق المدني أوالجنائي، أو الجمع بينهما، حيث إن مرحلة تنفيذ الحكم هى بمثابة قطف الثمار بعد قيام صاحب الحق ببذل الجهد فى ملاحقة المدين للمطالبة بقيمة الشيك والزام المدين بتنفيذ التزامه طبقاً للقانون والنظام الذى أقره المجتمع.ولكن نظراً لكثرة القضايا والأحكام ولأسباب أخرى نجد احكاماً لا ترى نور التنفيذ، وكأنه مكتوب على صاحب الحق أن يركض خلف الجاني أو المدعى عليه ويستمر فى ملاحقته منذ تحريك الدعوى حتى تنفيذ الحكم، والجدير بالذكر أن غرض صاحب الحق من المطالبة بالحق ينتهي بمجرد اقتضاء هذا الحق وقيام المدين بالوفاء وتنفيذ التزامه فعلياً.وعند هذا الحد تقف مصلحة صاحب الحق الشخصية، ولكن يظل حق المجتمع ضد المدين الذى يطلق عليه الحق العام حيث تقوم النيابة بهذا الدور وتختصم الجانى لاقتضاء حق المجتمع.ومن المفارقات الغريبة أن تحظى الأحكام المدنية فى قضايا الشيكات بالتنفيذ العاجل وتحقق تأثيرا حاسما ومباشرا فى النزاع، بالرغم من أنها تستغرق زمناً أطول وتمر بإجراءات ومراحل متعددة وتتسم أحكامها بالرأفة حيث يقتصر الحكم على إلزام المدين بأداء قيمة الشيك فقط وبذلك تتميز الأحكام المدنية عن الأحكام الجنائية بأنها تصيب المدعى عليه فى الصميم وتعترض طريقه وتصيبه بشلل اقتصادي وتخاطبه بمنطق السوق ولغة المال والأعمال.حيث تخاطب محكمة التنفيذ مرافق ومؤسسات المال والأعمال، البنوك، والمرور، والسجل التجاري، وجهة العمل، وكل جهة يمكن أن يرتبط بها المدعى عليه أو يتعامل معها.وتأمر بتوقيع الحجز على قيمة الشيك نقداً لدى البنوك أو اقتطاعها من راتبه الشهرى بجهة عمله أو منع المدين من التصرف فى سياراته بالمرور وتوقف تجديدها وكذلك الحال تأمر بالحجز على السجل التجارى والأوراق المالية بسوق الأسهم، بالإضافة إلى منع المدين من السفر.وهذا اقصى ما يتمناه صاحب الحق وأسوأ ما يتوقعه المدين، الأمر الذى يجبر المدين على السداد والتصالح مع صاحب الحق للتخلص من كل هذه القيود التى تحيطه من كل جانب وتضيق عليه الخناق ولا يجد له مخرجا إلا بالسداد.نصيحة قانونية: التصالح فى قضايا الشيكاتالأحكام الجنائية فى الشيكات تفتقر إلى الواقعية فى ظل الضمانات التى يتمتع بها المشكو فى حقه والقدرة على الذوبان بين أفراد المجتمع فى ظل إدارة أمنية تحترم وتقدر وتصون الحرية الشخصية وتحرص على عدم التعرض لحرية أفراد المجتمع فى التنقل من مكان إلى مكان.لذلك فإن القيد الذى يصيب المشكو فى حقه يتمثل فى منعه من السفر فقط وهذا هو القيد الوحيد الذى يعاني منه المحكوم عليه بعقوبة بسبب اصداره شيكا بدون رصيد.وفى المقابل فإن الضرر الذى يصيب الدائن يكون أعظم متمثلاً فى عدم قدرته على تحصيل قيمة الشيك وعدم قدرته على تنفيذ الحكم إذا صدر لتغيير محل إقامة المحكوم عليه سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا.وعندما يرغب المحكوم عليه فى السداد لا يصيبه أى ضرر حيث إن التعديل الخاص بالصلح يقيه ويذود عنه ملاحقة النيابة العامة فيما يتعلق بحق المجتمع.ويعتبر الصلح بينه وبين المستفيد بمثابة انقضاء للدعوى صلحاً.وهذا التفريط هو بمثابة دعوة من المشرع لمن يريد أن يتلاعب بالقانون ويخالف أحكامه ويكدس المحاكم ويربك الحياة الاقتصادية بالمجتمع.ويجعل كل هذه المصالح المختلفة والمتعددة تدور فى فلكه وتسير على هواه.لذلك نقترح أن يكون الجزاء من جنس العمل وأن تحذو الأحكام الجنائية حذو الأحكام المدنية.وأن تصبغ أحكام الشيكات بالصبغة التنفيذية شأنها شأن احكام النفقة.وأن تخاطب الجهات الاقتصادية والمالية لتضييق الخناق على المحكوم ضده حتى تظل للحكم الجنائي هيبته وقوته.وبخصوص مادة التصالح التى تمت اضافتها بقانون الإجراءات الجنائية تستبدل بتحميل المحكوم ضده بغرامة تدخل ضمن ايرادات الدولة يحكم بها القاضى عوضاً عن الحبس.حيث تتقدم الأحكام المدنية حيث إن واقع الأمر مجتمع إذا انفصل التنفيذ عن الحكم يصبح بلا قيمة لأطراف النزاع ويعتبر علامة من علامات عدم جدوى النص التى تحىي النص من بين السطور كجسد وتمنحه الروح.فى اعداد القانون واعتماده كأساس يحكم الشيك وينظم العلاقة بين اطرافه حيث يدرك من لجأ للقانون مدى مصداقية القانون المكتوب من خلال تطابق الأحكام القضائية لنصوص القانون.حيث إن الحكم يعتبر بمثابة الروح التى تبث الحياة فى النص القانوني.ويبقى التنفيذ هو الإشارة التى لا تقبل شك على أن النص حي قائم ولم يمت بمرور الزمن أو تغير الظروف التى نشأ فى ظلها.وقف تنفيذ الحكم بمثابة نزع لقوة الحكم وتجنيب لآثاره التى يبتغيها المشرع لذلك فإن وقف التنفيذ يتطلب اجراءات وشروطا معينة يجب استيفاؤها لتوخى آثاره.وهذا العبء يكون على الصادر ضده الحكم.