13 سبتمبر 2025
تسجيلبعد عمل شاق لمدة تزيد على شهر كامل، لم يجدوا شيئا يذكر سوى التراب في منتصف الصحراء الجرداء ولقد صرفوا مبالغ طائلة مقابل ما قاموا به، فعاد الشباب الثلاثة إلى بيوتهم وكل واحد منهم يشتم الآخر بأبشع الشتائم وفي داخلهم براكين قابلة للانفجار لخسارتهم المؤلمة، ولأنهم ببساطة حفروا بحثا عن آثار طيلة هذه المدة الطويلة، ولقد اطلعوا على قصص وتعليقات من مواقع التواصل الاجتماعي تذكر أن هذه المنطقة تحديدا التي حفروا فيها مليئة بالآثار التاريخية الثمينة وصدقوا ما كتب وعلى أساسها تحركوا نحو أمر مجهول. أنا أعرف عن منقبي الذهب وهذه المهنة تحتاج تعليما ودراية ومعدات وأجهزة كشف معادن خاصة وفحص نوع التربة ويعتبر عملا شاقا جدا مقابل الحصول على القليل من ذرات الذهب الخالص، لكن الدفائن والكنوز والآثار وكل القصص المتعلقة بشأنها من وحي الخيال والإشاعات وبمجرد سماعها تدرك أنها بعيدة كل البعد عن العقل والمنطق،ومع هذا كل يوم أجد مجموعة تعلنها صراحة بأنها سوف تذهب وتعمل ليل نهار بحثا عن دفائن ثمينة وكنوز من «الياقوت والمرجان» والنهاية معروفة ولا حاجة لكي أذكرها. كذلك قراءة عن تعديات صارخة تحدث في دول كثيرة بالقرب من أماكن تاريخية معروفة غنية عن التعريف ورجال الشرطة تعبوا وهم يلقون القبض عليهم كل يوم، ويتوقع الباحثون أنه بالقرب من المكان التاريخي سوف يجدون قطعة أثرية لا تقدر بثمن، وهؤلاء حقا مساكين فالبحث عن الآثار كما هو معروف يتطلب كادرا بشريا لا يعد ولا يحصى من العمال المحترفين وخبراء الآثار ومعدات ثقيلة للحفر والنقل، وليس اثنين أو ثلاثة يحفرون بأدوات خاصة بعمال البناء..!! ولنفرض أنه بعد البحث تم اكتشاف آثار أو كنز وحصل عليه مجموعة الباحثين، فهل يعلم الكل الصغير قبل الكبير أن أي شيء مدفون في الأرض من آثار أو كنوز ممنوع بيعها وشرائها ونقلها حسب القانون الدولي إلا باتفاقات دولية معلنة بين الحكومات،وأنها جريمة بكل ما تعنيه الكلمة يعاقب مرتكبها بالسجن لعدة سنوات. ان كل هذا بسبب الفراغ الفكري عند البعض، لأنهم يبحثون عن الثراء الفاحش السريع عبر طرق خيالية ليس لها أي أساس على أرض الواقع لا من قريب ولا من بعيد، رافضين العيش في صلب مجريات الحياة المتسارعة والتغلب على مصاعبها عبر العمل.