13 سبتمبر 2025

تسجيل

انتصف رمضان

06 أبريل 2023

كنا بالأمس القريب نستقبل رمضان، واليوم نُفاجَأ بأنه قد انتصف والأيام تتسارع في أيام هذا الشهر المبارك بشكل عجيب، مما يدلِّل على مرور مواسم العبادات بخفَّة وسلاسة حتى تنصرم من بين أيدينا دون أن نشعر بها، فالموفَّق مَن كان يقظًا نشيطًا متحمسًا لاستغلال هذه الأيام، والخاسر مَن سيطر عليه الكسل وأثقلته الذنوب.ومن أفضل العبادات والطاعات التي ينبغي الاهتمام بها في رمضان: تصفية النفوس من الشحناء والخصومة بينك وبين الآخرين. فلنبادر بالتسامح والعفو في هذه الأيام المباركة، فلا ندري أي الأعمال تكون سببًا في نيل المغفرة والرحمة والعتق من النار في رمضان، فلعلَّ هذا التسامح يكون سبب الفوز بالجنة والنجاة من النار. ولا ننسى أن صفاء القلوب وزوال الشحناء والخصومة سبب لرفع الأعمال الصالحة في غير رمضان، فما ظنكم بأفضل شهور العام؟! لا شك أن التسامح ونبذ الخصومات فيه أحرى وآكد. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – أنه قال: «تُعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيَغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكلِّ امرئ لا يشرك باللهِ شيئًا، إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: ارْكُوا هذين حتى يَصطلحا، اركوا هذين حتى يَصطلحا» (رواه مُسلمٌ). وهذا صيام النفل لا تُعرض فيه أعمال المتخاصمين على الله تعالى، فما بالكم بصيام الفريضة؟!. فجعل الله تعالى العفو من الإحسان وبشَّرنا سبحانه بمحبته للمحسنين، فما أجملها من بشرى من الله، وما أهون الوصول إليها، وقال تعالى: «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا * أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ» (النور: 22). يوضِّح الله تعالى تمام عدله بأن السيئة بمثلها، لا زيادة ولا نقصان، ومع ذلك يحثنا على ترك الانتصار للنفس وتغليب العفو والإصلاح، وجعلَ اللهُ أجر ذلك عليه سبحانه، دلالةً على عظمة الأجر والمثوبة على هذا الأمر. وجاءت السنة النبويَّة تؤكد لنا خيريَّة المتسامح الذي يبدأ بالعفو والصفح ويطوي صفحة الخلاف والهجر والقطيعة ابتغاء وجه الله، فعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - قال: «لا يحلُّ لمسلم أن يَهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يَلتقيان فيُعرض هذا ويُعرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» (متفق عليه). ويجب أن نعلم أن العفو والتسامح له آثار إيجابيَّة كثيرة في الفرد والمجتمع، فيعود على الفرد بالسكينة والطمأنينة وراحة البال والرضا عن النفس والشعور بالسعادة ومحبة الخالق له ونيل الثواب والأجر العظيم في الآخرة. أثر التسامح في المجتمع المسلم فوصيتي لنفسي ولكل مسلم: بادِر في هذا الشهر الكريم بالتسامح والصفح وإزالة الخصومات ونبذ الشحناء والبغضاء من القلوب، فإن كنتَ مخطئًا فبادِر بالاعتذار وطلب العفو، وإن كانت لك مظلمة عند أحد أو خصومة مع شخص فاعفُ عنه وسامحه ابتغاء وجه الله ولا تحرم نفسك من نفحات شهر الصيام. فاللهم ارزقنا التسامح والصفح وطهِّر قلوبنا وأصلح اللهم ذات بيننا وبارِك اللهم في أوقاتنا على الطاعة والمودة والإخاء.. يا رب العالمين.