10 سبتمبر 2025

تسجيل

ما هي رسالة كوفيد ـ ١٩ للعالم؟

06 أبريل 2020

في بداية وباء كوفيدـ ١٩ شعرت بنفس درجة مشاعر الخوف والقلق من المجهول التي استشعرتها في أول يومين من أيام أحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام ٢٠٠١ للميلاد، حيث كانت الجالية المسلمة والعربية منها خصوصاً تحت ضغط التعامل مع المجهول في ظل غضب المجتمع الأمريكي وردة فعله الأولية. لقد مرت تلك الأحداث على الجالية العربية في أمريكا بسلام رغم حدة درجة القلق والخوف في بدايتها. رغم تشابه درجة الشعور في نفسي بين الحادثين فإنني أجد في انتشار وباء كوفيد ـ ١٩ رسالة بشرية عالمية من خالق البشر للبشر، ورغم استماعي لكثير من المحللين الذين وجد بعضهم أنه غضب من الرب والآخر وجد أن الأرض تعبت من البشر والثالث الذين قالوا بنظرية المليار الذهبي وغيرهم ممن ارتأوا أننا نتحول للبعد الخامس، ناهيك عن نظرية المؤامرة وغيرها الكثير، إلا أني لم أجد في أي من هذه التحليلات ما يخاطب عقلي، وإنني شخصياً أؤمن بأن هذا مرض معد وسوف ينقضي ولكن انقضاءه مرتبط بفهم الرسالة، وكلما استعجلنا في فهم رسالة رب البشر كلما تجلى العلاج والشفاء بشكل أسرع. لو حللنا هذا الوباء إلى عناصر سنجد أنه يتكون من مجموعة من العناصر بينها: فيروس متناهي الصغر / التنفس / الرئة/ التلامس/التنقل/ الصحة/ الاقتصاد/ القيادة/ وحدة العالم/ التباعد الاجتماعي، لو تأملنا في عنصر واحد في هذا المقال وهو التباعد الاجتماعي كحل وحيد تمتلكه الإنسانية اليوم سنجد أنه يعتمد على التباعد الجسدي فقط مما يطرح السؤال الآتي: ما هي الحكمة من التقارب الجسدي؟ هل أدينا حق هذا التقارب؟ هل أسأنا استخدامه؟ هل قدرنا نعمة الاقتراب؟ هل يدعونا رب البشر إلى مراعاة حدود القرب وترك مسافة "صحية" بين الإنسان وأخيه الإنسان؟ إني لا أدعي المعرفة ولكني أدعوكم ونفسي للتفكر معي في المسافة المفروضة بين البشر كحل لهذه الأزمة. لو رجعنا لموروثاتنا سنجد مقولتي (الأقارب عقارب) و(روح بعيد وتعال سالم) وفي كلتيها دلالة على ما قد يتضمنه القرب من أذى للإنسان، فهل أصبح هذا الأذى عالمياً لكي يرسل رب البشر هذه الرسالة لهم جميعا على حدٍ سواء؟ إن التباعد ليس بين البشر ولكنه أيضاً بين الدول، هل أضرت الدول بعلاقاتها القريبة ليفرض رب الأرض عليهم التباعد؟ هل نحتاج لصياغة مسافة صحية بين الدول لا تقوم على الاستغلال واستخدام القرب بين الدول لتطويع بعضها بعضاً ظلماً وبهتاناً. إنني أرى أن تستحدث أبحاث إنسانية مجتمعية لتحليل مثل هذه الرسائل، كأن تكوّن منصة بين مجموعة من المهتمين بالعلوم الإنسانية لمناقشة وتحليل هذه الأزمة من منظور مجتمعي، هذه التحليلات قد تخطئ وقد تصيب ولكنها بالتأكيد تصب في مبدأ التفكر والتأمل والفهم. ودمتم سالمين.