12 سبتمبر 2025
تسجيلوسط عالم لا يرحم، وفي خضم تهديدات قوى الظلام والتخلف والجريمة والطائفية الرثة المدمرة، تدور اليوم أعنف وأبشع صور الإرهاب السلطوي الموجه ضد الشعوب على شكل حروب إبادة جماعية في قلب القرن الحادي والعشرين، وأمام كاميرات الدنيا وعدساتها، بل أمام المنتظم الدولي الذي يقف عاجزا مرتبكا عن إيقاف المأساة أو تخفيف أضرارها على الأقل!، في مدينة المساجد، وأرض البطولة والشهامة والكرامة مدينة (الفلوجة) العراقية التي دخلت التاريخ بحجم تضحياتها الأسطورية، وبدورها الوطني المقاوم، وبعد 13 عاما على الاحتلال التدميري الأمريكي، تدور اليوم أبشع صور القتل الجماعي للشعوب، وتتكرر مآسي مروعة عاشت البشرية مآسيها وكنا نتصور بأن زمن الإرهاب الجماعي قد انتهى وتولى مع قيم العصر الجديد العولمية، فإذا بنا نفاجأ بأن حجم الإرهاب الموجه لاستئصال الشعوب قد تضاعف واشتدت وطأته الثقيلة، وإن الحديث عن حماية الإنسان مجرد يافطات نفاق ترفع وقت الحاجة!، وتختفي في أغلب الأوقات!، فحجم الدمار الذي حل على رأس مدينة الفلوجة وأهلها لا يمكن تصوره ولا وصفه طيلة ثلاثة عشر عاما من عمر الاحتلال وأدواته لاحقا، تحملت المدينة الصامدة الأبية فيه ما تحملت من الكوارث الإنسانية، وعمليات القصف والتدمير والتهجير ومحاولة إفناء تلك المدينة كما أعرب عن ذلك علنا كثير من قادة الحشد الإرهابي الطائفي ومنهم الإرهابي أبو مهدي المهندس (جمال جعفر) الذي أوعد وأربد وهدد ودعا لتدمير الفلوجة على رؤوس أهلها الكرام بعد أن وصفها بكونها (رأس الأفعى)!، وهو نفس تصرف وأسلوب الإرهابي هادي العامري قائد قوات الحشد الذي وعد جماهيره بصلاة العيد قبل عام مضى في الفلوجة وعلى جثث أهلها!؟، وهو الأمر الذي لم يستطع تحقيقه ولن يحققه مهما طال أمد المعاناة واشتدت وطأة الحصار، وتصاعدت أحقاد الحاقدين المرضى!، الفلوجة ستبقى رمزا للكرامة والمقاومة ومصنعا للرجال الذي اشتروا الدنيا بالآخرة ورسخوا معاني العروبة والإسلام والإباء والشهادة خير ترسيخ.مدينة المساجد تعاني اليوم من حصار خانق أجهز على مواطنيها من الأطفال والنساء والمرضى، وهو حصار إرهابي تمارسه سلطة غاشمة فمدينة الزبداني ومدينة مضايا بريف دمشق عانتا ولا تزالان من الحصار الإرهابي الظالم دون أن تركعا إلا لرب العزة والجلال، وانضمت لهما مدينة الفلوجة بصمودها الأسطوري ومعاناتها من أسوأ حصار الأمر الذي خلق صور رهيبة للمعاناة الإنسانية المتراكمة في ظل صمت وعجز الدول الكواسر التي تراقب الموقف بأنانية مفرطة وبابتعاد تام عن ممارسة واجباتها في تطبيق القانون الدولي وفي حماية المدنيين وقت الحرب والاكتفاء بالفرجة المرعبة على الوحشية والفاشية ومصارع الأبرياء، لقد ضج العالم بمعاناة الفلوجة وأهلها، وتحركت المنظمات القانونية لإدانة جريمة الحصار المزدوج الذي يشكل جريمة حرب واضحة ضد الإنسانية لم تراع فيها الحدود الدنيا لوثيقة حقوق الإنسان الدولية، الإنسانية تسحق وتضطهد، والعالم الحر أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية تتطلب ممارسة أقصى درجات الضغط لحماية المدنيين وتجنيبهم ويلات حملات انتقام بشعة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، لقد سقط حتى اليوم أكثر من عشرة آلاف ضحية بريئة في جريمة حصار لا تريد أن تطوي أوراقها وبما يمثل وصمة عار في جبين الإنسانية التي انتهكت وبطريقة جعلت من المجتمع الدولي للأسف عنصرا مشاركا في الجريمة، أنقذوا الإنسانية الذبيحة في فلوجة الأحرار، لا لقتل المدنيين، وارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء.