15 سبتمبر 2025
تسجيلالحقيقة عدة أسباب جعلتني أكتب اليوم عن الواتس أب هذا التطبيق التكنولوجي العبقري.. فمن أهم هذه الأسباب، السبب الأول: حكاية الكفاح والأمل عند الشابين اللذين اخترعاه في عام 2009، وإن أحدهما كان قد تقدم لعمل في موقع فيس بوك لكنه لم يقبل، وبعد عدة سنوات يبيع اختراعه بمبلغ 19 مليار دولار للفيس بوك، إذن الحياة كفاح وأمل ودأب وإصرار.وكما هو معروف فإن الواتس أب (باللغة الإنجليزية: WhatsApp) هو تطبيق تراسل فوري، محتكر، ومتعدد المنصات للهواتف الذكية، ويمكن بالإضافة إلى الرسائل الأساسية للمستخدمين، إرسال الصور، الرسائل الصوتية، الفيديو، والوسائط.والسبب الثاني: هو التعاون في العلم بين محبي العلم حيث ظهر واتس آب كتعاون بين الأمريكي بريان أكتون والأوكراني جين كوم (الرئيس التنفيذي أيضاً)، وكلاهما من الموظفين السابقين في موقع ياهو؛ الذي يتحسر هو الاخر على التفريط فيهما! .ولاننا نعيش في عالم وضمن ثقافة مهووسة بالإنجازات والأرقام، بعد كل شيء، كل ما يمكن قياسه يمكن تحسينه، ولهذا فإن الشركات تحب أن تتفاخر بأرقام نموها، فققد أعلنت شركة WhatsApp الخميس الماضي أنها تعالج 64 مليار رسالة في غضون 24 ساعة فقط، للتأكيد مرة أخرى على أنها الرائدة في مجالها.وبالنظر في الرسائل فقد وجد انها تشمل 20 مليار رسالة مرسلة، و44 مليار رسالة واردة، هذه الأرقام لا تتطابق بسبب أن البعض من هذه المراسلات تتم في المحادثات الجماعية.والحق أقول رغم أن مثل تلك البرامج قد سهلت نقل ملفات وأوراق وصور ومواد علمية ودراسية، ونقلت أخبار ومشاعر بين من باعد بينهم المكان لعمل أو دراسة، فإنها ايضا قتلت التواصل الاجتماعي الحقيقي البشري، من الزيارات الأسرية فيما بين افرادها، أو حتى بين الأصدقاء.ومؤخرا كنت في أحد المطاعم بصحبة أولادي ورأيت أسرة تجلس على طاولة مجاورة مكونة من زوج وزوجة واثنين من الأبناء، والغريب أن الجميع كان ممسكا بهاتفه النقال يكتب ويراسل ويبتسم مع نفسه والطعام أمامهم قد برد ولا حوار الا مع أنفسهم على الهاتف، وتساءلت: لماذا تخرجون للعشاء إذن.. إن كنتم لا تتحدثون إلا فيما ندر؟ وجميعنا طبعا إما يرى ما رأيت سواء في المصالح الحكومية أوفي الشوارع والمصاعد والمسشفيات، بل وحتى وهم يقودون السيارات.فقد حكت لى إحدى الأخوات ان فتاة كانت تقود سيارتها على الكورنيش وهي تستخدم الواتس اب او أي برنامج مشابه، ولم تنتبه فصدمت السيارة التي أمامها، ولما نزل قائد السيارة الاخرى يعاتبها لم تهتم به وكأنها لا تراه، بل وكانت ما تزال تستخدم الهاتف وكأنها في عالم آخر بل ربما وجدت شيئا مثيرا تحكيه للطرف الآخر الذي تتحادث معه، عن التصادم الذي قامت به وعن الرجل المسكين الذي دمرت سيارته.. فل يخفى عليكم طبعا أن التكنولوجيا فيها مساوئ ومحاسن، فعلى الانسان ألا ينجرف وراء أي شيء بدون أن يضع لنفسه نظاما، فينظم وقته في استخدام التكنولوجيا بشكل صحي، فمثال كما تفعله معنا والدتي أطال الله في عمرها، فنحن نخصص كل يوم جمعة لنجتمع في "البيت العود" البيت الكبير بيت العائلة، فكل منا بمجرد دخوله الى المنزل ويسلم على الوالدة ويقبل رأسها طبعا، لابد من تسليم الهاتف المحمول اليها دون نقاش وتضعه في سلة بقربها ولابد أن يكون مغلقا، وذلك لقولها إن هذا اليوم لي أنا وحدي لا أريد أن يأخذكم مني أحد، وتقول ايضا: طوال الاسبوع لا اراكم جيدا فأنا مشتاقة لسماع أحاديثكم، فطبعا هذا النظام هي وضعته ونحن بكل حب وتقدير علينا التنفيذ، بصراحة نشعر بارتياح كبير عندما نتحدث مع الإخوة والاخوات ونشعر بالقرب اكثر وخاصة ان الكل في العمل طوال الاسبوع..وأخيرا أنا لست ضد التكنولوجيا وتسهيل حياتنا وتقريب البعيد عبر صورة او رسالة صوتية، ولكني ضد أن تضيع حياتنا الواقعية، وعلاقاتنا الحميمة والاسرية الجميلة، ومصالحنا وأعمالنا ودراسة أبنائنا، لتتحول الى عالم افتراضي وهمي ونصبح كأننا في جزر معزولة كل مع هاتفه فقط.أفيقوا يرحمكم الله قبل أن تتفكك الأسر ويضيع مفهوم الصداقة الحقيقية وقيم العمل والإتقان فيه والاخلاص له.. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.. وسلامتكم.