11 سبتمبر 2025

تسجيل

قبل أن يفوت الأوان.. ويبدأ القدر بالغليان!

06 مارس 2024

منذ أن تصدر ما يسمى الغرب مجال البحث العلمي بعد سرقة تراث العلماء المسلمين، إثر سقوط الأندلس، وخصوصا خلال القرن التاسع عشر وما بعده، انخرط علماؤه في أبحاث كان بعضها لأجل الاستكشاف والفهم، في حين عمد بعضها أو كثير منها لاستغلال النتائج في الحرب على البشرية والدين. ويدخل في ذلك معظم مُخلفات تشارلز داروين وسيجموند فرويد وألفريد كينزي (مُنظِر الشذوذ) وآخرين. ومن تلك الأبحاث ما سُمي بتجربة «الضفدع المسلوق». في عام 1872 نفذ عالم الفيزياء الألماني هاينزمان تجربة تقوم على وضع ضفدع في قدر ماء شديد السخونة ما جعله يقفز مباشرة خارج القدر. ولكن عندما وضع الضفدع، في ماء فاتر ثم رفع درجة الحرارة تدريجيا، لم يقفز الضفدع بل مات مسلوقا في مكانه! الفكرة أن أي تغيير مفاجئ يولد رد فعل عكسيا، لأنه لا يُحتمل، أما إذا كان التغيير تدريجيا فإن الكائنات، ومنها الإنسان، تحاول التكيف والتأقلم مع الوضع المتغير ببطء، حتى لو انتهى بهلاكها. الشاهد هنا أننا مغيبون بفعل فاعل، يُطبق علينا تلك النظرية، لا يريد لنا التنبه للنار التي تحرقنا على مهل. فأعداء الإنسانية المتخفين وراء «الرأسمالية» ينفذون ذلك على البشر في أنحاء الأرض. وهم يصنعون الكفر على مهل، ويصنعون من أجل ذلك الفقر والمرض والجهل والشذوذ وكل أشكال الفساد. والناس منساقون، غافلون، عن أن مصيرهم سيكون كمصير الضفدع إن لم يفيقوا. نعم، لقد بتنا مغيبين بفعل فاعل، وهذا ما يؤكده الألماني مايكل نيلس في كتابه «العقل المُلَقَن» (المغسول)، (ديسمبر 2023)، إذ يقول إن أقطاب الرأسمالية العالمية وأرباب العولمة يُسخّرون التكنولوجيا الحديثة لتدمير منطقة في الدماغ، خصوصا لدى الشباب، تسمى «الحصين» تنتج الخلايا العصبية. ومن خلال تدمير أو تثبيط تكوين الخلايا العصبية، يمكنها تغيير شخصيتك وجعلك أكثر طاعة وانصياعا لعالمهم الخاص؛ عالم الإلحاد والفردية. ففي أنحاء العالم، وبحسبه، تتراجع القدرات العقلية، وترتفع معدلات الاكتئاب ويعاني واحد من كل 40 شخصا من الزهايمر. ويقدم نيلس، عالم الوراثة الجزيئية، سلسلة من الأدلة على أن وراء هذه التأثيرات السلبية العديدة هجوم متعمد ومنفذ ببراعة علينا، ويرجح أن ما تُسمى «الحروب» ضد الفيروسات (مسرحية الكوفيد)، أو تغير المناخ، وحتى الحروب التقليدية، تمثل منصات مقصودة لهذا الهجوم ضد العقل البشري. وهذا يستحضر آيات من القرآن الكريم منها، «اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون...». وقد عبرت عن هذا الحال بمشاهدات من الواقع الكاتبة الأمريكية تيسا لينا في مقال عنوانه « المنظومة التي تفترس البشر». تقول: «عندما أسير في شوارع نيويورك، أرى الناس كالزومبي (الأحياء الأموات). إنهم يمشون، ويتحدثون، ويحملون أكياس البقالة، ويرتدون ملابس عصرية - لكنهم يعيشون خارج أجسادهم. أجسادهم هنا، وأرواحهم في مكان آخر. إن مصاصي الدماء الذين صمموا مجتمع اليوم لم يتركوا الناس ليعيشوا بطبيعتهم وتسمو أوراحهم بالعلاقات الإنسانية الحقيقية، والتفكير الإبداعي، ولكن جعلوهم يتواصلون بـ «أرواح مصطنعة» من خلال الأيديولوجيات الوضعية، والتحزبات السياسية، وأخيرا، الأجهزة الإلكترونية التي تُعري مشاعر الآخرين، وتجعل الحياة كلها مصطنعة». وتضيف: «نحن جميعا نعيش في مصنع الزومبي! إن مجتمعنا عبارة عن آلة تأكل البشر، لكنها آلة مزيفة، وسيأتي وقت تنتهي هذه المسرحية الزائفة. عندها ستنكسر شاشة الوهم التي تفصلنا عن الواقع، وسيتمكن الجميع من رؤية وجه تلك الآلة» (في إشارة إلى المسيخ الدجال) وكلما تحقق ذلك أسرع كلما زادت فرصتنا للنجاة. هذه نماذج لتجليات احتكار الغرب للعلم والبحث العلمي ومحاولتهم إنتاج مجتمع يسير نحو هلاكه على مهل مثل «الضفدع المسلوق». فصعوبة الحياة تزداد تدريجيا عبر عملية إفقار منظمة ومتعمدة يزداد فيها الأغنياء غنى ويزداد الفقراء فقرا، باستثناءات لا تذكر. كما يتم خلال هذه العملية تشويه الفكر أيضا تدريجيا عبر الفضاءات الالكترونية التي جعلت الناس تعيش فعليا في مجتمع اللاواقع كما أشرت سابقا، وهو ما يتحقق عمليا من خلال إصدار «فيسبوك» الأحدث «ميتا»، وإصدار غوغل الأحدث منه «أبل فيجن برو»، ويعرّف بأنه «كمبيوتر مكاني»، حيث تُدمج الوسائط الرقمية مع العالم الحقيقي ويتم تشغيله، بالإيماءات. وهنا ينسى الناس أنفسهم، غارقين في طبقات من الانشغال بطلب الرزق ثم بالحرص على ألا يفوتهم شيء في العالم الافتراضي، وهو ما سماه خبراء التقنيات الحديثة «مرض فومو (fear of missing out)»، أي الخوف من أن يفوت الشخص معلومة أو فيديو على أي من وسائل التواصل التي يتابعها. ذلك الحرص تغذيه الشركات المشغلة لوسائل التواصل من خلال ما بات يسمى البصمة الإلكترونية، التي يتتبعونك بواسطتها في كل مكان حتى في حمامك أو سرير نومك، والتي تأصلت بوصول الهاتف الذكي «الخبيث» والأجهزة التي تتصل بالإنترنت والتي أنهت الخصوصية الشخصية وجعلتنا مستباحين، محتلين، مستعبدين، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي يظن البعض أنها تُحررنا وتجعل لنا صوتا في الحياة، ولكنها تأتي بالعكس، في عالم مصنوع لم يعد فيه الإنسان مجرد مستهلك، بل بات هو «السلعة»، وباتت الوسيلة، وليس مضمونها، هي الرسالة كما يقول عالم الاجتماع الكندي مارشال ماكلوان، (مثلا، صار التلفزيون صنما ثابتا يوضع في صدر كل بيت، والموبايل صنما منقولا، صار هو الرسالة). لم يعد الأمر سحرا أو شعوذة وإنما صناعة للكفر بأساليب «العلم الخبيث» الذي أنتجوه. وهو وضع لا فرار منه، كما تقول تيسا لينا، إلا بالعودة إلى المقدس، أي «الإيمان». فالكفر بالطبع هنا ليس إلزاميا وطريق النجاة منه سهل ويتحقق، وفق نيلس، بالابتعاد عن مجال تأثيرهم قدر الإمكان وذلك تطبيقا لهدي الخالق العظيم: «ولا تتبعوا خطوات الشيطان».