18 سبتمبر 2025

تسجيل

حرب أهلية فلسطينية

06 مارس 2016

ليس من قبيل الصدفة أن يسجل الشعب الفلسطيني بعضا من العجائب والغرائب، التي تندرج في إطار جمع المستحيلات، مثل ثنائية "الاحتلال والسلطة"، " والتهويد والتسامح"، و"المستوطنات والتسوية"، و"الجندي اليهودي وبطاقات الشخصيات المهمة"، و"الثورة والاستسلام"، و"الحسم والانقلاب" و"الحكومة والتمرد" و"المصالحة والحرب الأهلية"، و"أبو مازن وكل السلطات".. فقط عند الشعب الفلسطيني يمكن أن يحدث هذا الهزل والكوميديا السوداء.لا شك أن الفلسطينيين شعب عظيم، خاضوا ولا يزالون يخوضون أروع وأشجع ثورة على وجه الكرة الأرضية، ويدخل معهم في هذا الترتيب حاليا الشعب السوري البطل الذي يسجل واحدة من أروع الملاحم التاريخية، فهذا الشعب قدم الغالي والنفيس من أجل حريته ووطنه.رغم عبقرية الشعب الفلسطيني ونضاله المستمر منذ 100 عام، ونضاله وعطائه اللامحدود، فإن وضعه الآن يسير عكس التيار، في مفارقة غرائبية، فهو يخسر الأرض رغم تقديمه قوافل الشهداء والجرحى والمعتقلين، فلماذا يحدث ذلك، لأن هذه النتيجة غير منطقية، فالتضحيات والبطولات تعني الانتصارات والتحرر والتقدم إلى الأمام، وليس خسارة الأرض والهوية وتهجير الفلسطينيين والإبقاء عليهم لاجئين مشردين في أصقاع الدنيا.السؤال: أين المشكلة إذن؟ إذا كان الشعب الفلسطيني بطلا، فلماذا يخسر، ولماذا يلتهم الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني اليهودي التاريخ والجغرافيا ويقتل الإنسان؟الإجابة بسيطة وهي أن هذا الشعب البطل منكوب بقيادته، أو بمن سلطوا أنفسهم ليفرضوا أنفسهم بالقوة والتلاعب والمؤامرات والتوازنات الإقليمية والدولية على الشعب الفلسطيني.ليس من قبيل المصادفة أن تكون هذه القيادة الفاقدة للشرعية الشعبية، مفرطة بحقوق الشعب الفلسطيني الطبيعي، وحقه في أرضه ووطنه وهويته، مقابل بطاقة "VIP" من جندي إسرائيلي يقف على حاجز يقطع أوصال فلسطين، التي يطلق عليها الضفة الغربية.بعد أن كانت فلسطين كاملة، صارت في عهد هذه القيادة البائسة، فتات وكانتونات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفلسطين المحتلة عام 1948، التي لم تعد أرضا محتلة تم التنازل عنها لتصبح "إسرائيل" ولا مانع أن تكون "دولة يهودية"، وصار الشعب الفلسطيني في ظل هذه القيادة البائسة هم السكان الذين يقطنون في "الضفة وغزة" ولا مكان للفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 1948 أو 6 ملايين مشردين في العالم ويحملون جميعهم صفة "لاجئ أو نازح".الشعب الفلسطيني أعظم من أن يكون شعبا لاجئا أو نازحا أو يطلب الحسنة والشفقة من هذه الدولة أو تلك، ولهذا فإن هذا الشعب يستحق قيادة حقيقية تعبر عن هويته وعراقته وتاريخه ونضاله وجهاده، ولا يحتاج إلى قيادة تتآمر عليه وعلى حقوقه، وتصطف داخل النظام العربي المهترئ، وتتحالف مع الأنظمة الانقلابية الدكتاتورية، والقوى الاستعمارية، وتجعل من تنسيقها السياسي والأمني "حلفا مقدسا مع إسرائيل".الشعب الفلسطيني لا يحتاج هذه القيادة المهترئة، التي تهدد ب"خيارات أخرى" لاستعادة قطاع غزة إذا فشل ما يسمى المصالحة أي تهدد بحرب أهلية فلسطينية، ولكنها لا تهدد بأي خيار في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني اليهودي الذي يهود القدس، ويقضم الأرض ويقتل الشعب الفلسطيني كل يوم.على هذه السلطة ومؤسساتها المترنحة أن تكف عن "الوصاية" على الشعب الفلسطيني، وأن تكف عن لعب دور الوكيل الحصري للاحتلال في فلسطين، وتسويقه في العالم العربي والعالم، فهي فاقدة للشرعية الثورية بعد أن تحولت إلى سلطة وحزب سياسي "تسووي"، بعد أن تخلت عن الثورة والانتفاضة والعمل المسلح.