17 سبتمبر 2025
تسجيلعلى الرغم من أننا لا نكف عن سب الغرب وتحميله مسؤولية كل المصائب والكوارث التي نعاني منها، ولنا بعض – وليس كل الحق- في ذلك، إلا أن معظمنا يكنُّ إعجاباً شديداً لكل ما هو غربي، ولا غرابة في ذلك لأن واقع الحال يقول إنه لولا الأشياء التي نأتي بها من الغرب، لما تسنى لنا الانتقال إلى العصر الحجري الثالث الذي نعيش فيه الآن، ولعل أبلغ مثال على مدى إعجابنا بالغرب، هو أننا نصف الشخص المنضبط الذي يحترم المواعيد بأنه "خواجة"، والكلمة تعني في القاموس العامي "أوربي/ أمريكي"، فقد تقول لصديقك أو قريبك إنك ستلتقيه في السابعة مساء مثلاً في مقهى "النهضة"، فيسألك: مواعيد عرب أم مواعيد خواجات؟ فتؤكد له بالطبع أنها "مواعيد خواجات"، لأنك لو قلت إن مواعيدك عربية فلن ترى وجه صاحبك إلا في نحو العاشرة مساء، بعد أن يكون رواد مقهى النهضة قد نهضوا لمواصلة النهضة في بيت أحد الأصدقاء، حتى يصيح الديك، (بالمناسبة حتى الديوك في العالم العربي كثيرا ما تصيح صباحا في غير موعد صلاة الفجر، ومع هذا نقول إن الديك "يؤذِّن") وتلتقي بصديق طفولة بعد انقطاع دام عشر سنوات، فيلقاك بالأحضان والبوسات، ويدعوك إلى الطعام في بيته في الثامنة مساء، ويقدم لك في منتصف الليل الكبسة والحمص والمرق والثريد المشبع بالبهارات والثوم حتى يصبح جهازك الهضمي مصنعاً للمواد الضارة بالأوزون ( في مذكرات طريفة لباحث اجتماعي زار منطقة في جنوب شرق آسيا، قال إن ريفيين وضعوا أمامه طعاماً هلامي التكوين، لا سبيل لمعرفة مكوناته وكيفية إعداده، وقال الباحث معلقاً، إنه أحس بأن ذلك الطعام مرّ على الأقل بدورة/ لفّة واحدة داخل جهاز هضمي)، ثم يدعوك نفس الصديق إلى طعام في الثالثة عصرا على شرف خواجة التقى به لأول مرة في حياته، فيضع على المائدة في الثالثة عصرا بالثانية والدقيقة، أكلاً "طيبا" معقما يمكنك الإحساس بالشبع بمجرد النظر إليه! وولع بعضنا بالنساء الخواجيات (البيضاوات عن جدارة، وليس بياض البشرة الذي يتوهمه العرب بينما هم في قاموس ألوان البشرة ذوي سمرة فاتحة) المهم أن الولع بذوات اللحم الأبيض فوق المتوسط، لا يعرف حدودا، حتى لو كانت الواحدة منهن حيزبوناً دردبيسا أكل الدهر عليها، ولم يجد ما يشرب، وجعلها هردبيسا، ويتباهى صاحبك بالخواجية التي تصادقه، وتقابلها فتحسب أنها نتاج كوكتيل من جينات الضفدع كامل عضو برنامج "أفتح يا سمسم" ودونالد ترامب، الذي تزيِّن مقدمة رأسه شعيرات ذرة صفراء، فتقول له إنك تستطيع أن تجد له عروسا عربية يفوق اصغر إصبع في قدمها وجه تلك الخواجية جمالاً، ولكن كلامك سيقع على أذن صماء لأن صاحبك يعتقد أن "الرّك" على الجينات واللون. وبما أن هناك الكثيرين من العرب الذين يحبون الجنس الأوروبي ويحترمونه بلا حدود، وبما أن العربي يعتقد أن إنجاب الذكور دليل فحولة ونبل، فإنني أقدم لتلك الفئة عائلة إينزلي في مدينة **** بإنجلترا، ليتسابقوا على تزويج أبنائهم من الآنسة "جيد إينزلي"، أو على الأقل "حجزها" – لأنها تبلغ من العمر 35 يوماً فقط، وما يغري بمصاهرة هذه العائلة هو أن الصغيرة جيد هذه هي أول بنت تحمل اسم العائلة منذ 200 سنة، ظل خلالها جميع من يحملون اسم إينزلي من الرجال لا يلدون إلا ذكورا، على الرغم من تزاوجهم مع عائلات من الشرق والغرب إلى أن جاءت جيد إينزلي، التي يرجح الأطباء أن تكون احتمالات إنجابها لبنات ضئيلة جداً، جداً! ومن ثم أعلنت عائلتها منذ لحظة مولدها أنها تفضل تزويجها لاحقا بشخص من خارج النطاق الأوربي وهل يقاوم عربي إغراء الزواج ببيضاء لا تنجب سوى الذكور؟