17 سبتمبر 2025

تسجيل

التحذير الأردني والحزام البري

06 يناير 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ينبغي أن يُقرأ التحذير الأردني من بروز "حزام" بري يربط إيران بلبنان مرورا بالعراق وسوريا في سياق التحولات الاستراتيجية والتغير الذي طرأ على خطوط الصراع التي فرضت نفسها على الأجندات الإقليمية لكثير من دول المنطقة، والحق أن الملك عبدالله سبق وأن حذر في عام 2004 من بروز هلال شيعي بعد أن انهارت موازين القوى التي كانت سائدة قبيل إزالة نظام صدام حسين.التحذير الأردني الجديد جاء هذه المرة على لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال محمود فريحات ليبعث برسالة للجميع بأن المصدر الرئيس للتهديد في منطقة المشرق العربي يتأتى من محاولات إيران في الهيمنة وإجراء التغييرات الديمغرافية في سوريا والعراق، والأردن بهذا المعنى يبعث برسالة مشفرة إلى دول المنطقة بأنه سيكون دائما في خندق المحور السني وإن كان له رأي مختلف نوعا ما فيما يتعلق بمستقبل سوريا. الراهن أن الأردن الرسمي يفضل وجود الجيش السوري على حدوده بعد أن تعرض لسلسلة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت الداخل الأردني، وهو بهذا المعنى يتبنى مقاربة براغماتية تعلي من مركزية الأمن الوطني على حساب أي صراع آخر على هوية الإقليم أو مستقبل سوريا، وهنا يأتي الاختلاف مع دول سنية أخرى ترى بأن بقاء النظام السوري ما هو إلا امتداد لنفوذ إيران السلبي ولا يخدم إلا مشاريع إيران في توسيع نفوذها.بطبيعة الحال، الأردن ليس بمنأى عن التأثر بما يجري من تحولات في الإقليم، لذلك فإن العنوان الأبرز لمقابلة الجنرال فريحات (والتي كشفت عن استمرار الاتصالات مع الجيش السوري) يمكن أن تُلخص بتعبير إعادة التموضع على غرار ما فعلته تركيا مع أن الأخيرة هي لاعب فاعل على الأرض السورية في حين أن الأردن لم يورط جيشه في الوحل السوري. ومن زاوية أخرى، يمكن القول أن الأردن لا يتبنى موقفا مسبقا وإنما بقي دائما حذرا بسبب الجغرافيا السياسية، فمسألة الانحياز لهذا الطرف أو ذلك تخضع لحسابات دقيقة في عمان ربما لا تتفهمها بعض العواصم الأخرى التي لم تكتو بنيران اللجوء وتبعاته.لم يرشح كثيراً عن ما هية الاستراتيجية الأردنية للتعامل مع تحذير الجنرال فريحات عن الحزام البري الإيراني! فهل سيكتفي الأردن بإطلاق التحذيرات أم أن في جعبته غير ذلك، وإذا كان الأردن لا يثق بالإيرانيين – لأسباب موضوعية – فهل يمكنه الوثوق بقوات الأسد على حدوده، وكيف سيعالج هذا الأمر مسألة الحزام البري وتحدياته؟ هذه أسئلة لم يجب عليها الجنرال فريحات وإن ألمح إلى جاهزية الجيش للدفاع عن الأردن داخليا وخارجيا. هناك اتجاه في الأردن ينادي بضرورة التفاهم مع الروس وليس النظام السوري وبخاصة وأن روسيا وإيران تريدان أشياءً مختلفة في سوريا وربما متناقضة، ويرى البعض بأن عرى التحالف ستنفرط إن نجحت الهدنة ومحادثات النظام مع المعارضة التي ستجري برعاية روسية تركية، وهناك ما يشير إلى توتر وإرباك إيراني مرتبط بسوريا ما بعد حلب، ولا يمكن إغفال تصريحات على أكبر ولايتي – مستشار علي خامئني أو حتى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني السيد علاء الدين بروحردي التي تتحدث عن ضرورة إبقاء حزب الله في سوريا، فهناك توجس إيراني من التقارب التركي الروسي. بكلمة، لم يتضح المشهد الإقليمي بعد وما زالت الضبابية وحالة عدم التيقن تسودان المنطقة غير أن الراهن أن شكل التحالفات الآخذ في التغير سيقدم فرصا جديدة وسيفرض قيودا على بعض الدول ومن ضمنها الأردن.