15 سبتمبر 2025
تسجيلرغم الظروف القاسية والمجاهدة اليومية في تحصيل العلم، استيقظ الطفل محمد أمين كعادته وجهز حقيبته لينطلق في صباح يوم بارد إلى مدرسته التي تهشم زجاج نوافذها من رصاص حرب أهدرت كل شيء، لكن لم يدر بخلد الطفل البريء محمد أمين أنه سيكون هدفا لرصاصة قناص حولت رأسه الذي تسكنه الأحلام والطموحات بمستقبل مشرق إلى قطع صغيرة تطايرت في أرجاء أحد شوارع تعز وسط ذهول المارة واستغاثات زملائه المفجوعين، لم تمر سوى لحظات حتى تساقطت قذائف مدفعية الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح فبددت أصوات الأطفال المستغيثين وتركوا زميلهم يلفظ أنفاسه عندما علموا أنهم كلهم قد أصبحوا هدفا عسكريا مشروعا. هذه الحادثة ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة في بلد تداس فيه كل يوم معايير القانون الدولي الإنساني في مناطق الحروب والنزاعات، بل لم تعد تحترم فيه تعاليم الدين الإسلامي الذي يحض على عدم التعرض للنساء والأطفال وكبار السن أثناء الحرب، أصبح المدنيون ومنازلهم وأسواقهم تحت رقابة مناظير القناصة، وأصبحت المستشفيات والمدارس والمساجد أهدافا للصواريخ وقذائف المدفعية، كل تلك الجرائم ضد الإنسانية لم تجد من مجلس الأمن والأمم المتحدة سوى القلق في بعض منها والبعض الآخر لا يزال تحت تقييم المنظمات الأممية العاملة في اليمن.آخر الانتهاكات التي ختم بها العام 2016 احتجاز وتعذيب 34 طفلا بمحافظة حجة بعد رفضهم الالتحاق بصفوف مقاتلي الحوثي، وهذه الحادثة تفتح ملف التجنيد الإجباري للأطفال، حيث وصلت حالات إكراه الأطفال على حمل السلاح والقتال إلى 4810 حالات وتتراوح أعمال هؤلاء الأطفال المجندين بين سن التاسعة والثامنة عشرة حسب تقارير حقوقية، وتسجل هذه التقارير أيضا نحو 373 حالة قتل لأطفال في 16 محافظة بينهم 224 من أبناء محافظتي عمران وصعدة قتلوا أثناء مشاركتهم في القتال إلى جانب ميليشيا الحوثي وصالح في جبهات القتال ضد المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية. تتركز الانتهاكات في حق الأطفال بإهدار حقهم في الحياة الكريمة الآمنة، كالحرمان من التعليم والغذاء والماء والخدمات الصحية، بل وحتى الحق في اللعب، ومن يسلم من هذه الانتهاكات والقتل تلاحقه الكوليرا التي قد تتحول إلى وباء لا يقل خطورة عن مآسي الحرب العبثية.يطل أطفال اليمن من شرفات العام 2017 ويتمنون أن يروا بلادهم وقد عاد إليها الأمن والسلام وثقافة التعايش التي تحترم قيم الدولة الحديثة وتتجاوز النزعات الطائفية والمذهبية.