19 أكتوبر 2025

تسجيل

لا تحتقر نفسك

05 ديسمبر 2018

كثير منا اليوم يحتقر نفسه، ويقلل من قدراته وإمكاناته إلى الحد الذي يصيبه بالإحباط والعجز، ومن ثم يشعر بأن النجاح والتميز قد خلق لأجل الآخرين من القادة والعظماء، وليس له هو لأنه لا يستحقه، ولذلك فهو يقبل ويرضى بكل شيء وينتظر ما تأتي له به الأيام في سلبية وخنوع واستسلام دون أن يصنع لنفسه أهدافا عظيمة يسعى لتحقيقها. وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من احتقار الإنسان لنفسه، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ عَنْ أمرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ أَنْ يَقُولَ فِيهِ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَا مَنَعَكَ رَأَيْتَ كَذَا وَكَذَا أَلا تَفْعَلَ فِيهِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ خِفْتُ، فَيَقُولُ: أَنَا كُنْتُ أَحَقُّ أَنْ تَخَافَ» رواه أحمد. لماذا نقلل من شأن أنفسنا، ونحتقر ذواتنا، مع أن ذلك لا يمت إلى ديننا بصلة، وهنا يقع كثير من المؤمنين ضحية الفهم الخاطئ لقضية أخرى، إذ يخلطون بين الكبر وتقدير الذات من ناحية، ثم بين التواضع المحمود واحتقار الذات من ناحية أخرى. فالكبر احتقار الناس مع رد الحق وإنكاره، وهذا عند الله عز وجل من أعظم الكبائر، أما تقدير الذات أو الثقة بالنفس فهو أن يعرف العبد ما حباه الله به من هبات وإمكانات لتحقيق الخلافة في الأرض، ويعتقد جازما بأن هذه المواهب إنما هي محض فضل الله ومنته، فلا يركن إلى النعمة وينسى المنعم سبحانه وتعالى. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على زرعه في نفوس أصحابه، وليس أدل على ذلك من هذه الألقاب العظيمة التي كان صلى الله عليه وسلم يطلقها على أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، فليقلب أبا بكر بالصديق وعمر بالفاروق، وخالد بسيف الله المسلول، وأبا عبيدة بأمين هذه الأمة، وحمزة بأسد الله، وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم، وغيرهم كثير من صحابته الكرام، ممن رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على عينه، فجمعوا بين تقدير الذات والثقة بالنفس الدافعة إلى معالي الأمور وبين التواضع وخفض الجناح للمؤمنين. وأما احتقار الذات المعجز للنفس الذي يدفع إلى الفشل واليأس والإحباط فليس من ديننا العظيم في شيء. لا تعذب نفسك ولا تجلدها بسياط اللوم، والتقريع والتوبيخ، لا تنصب لها المحاكمة على كل صغيرة تحدث لك كل يوم، هناك أحداث عابرة وأحداث بسيطة تحدث لنا في الحياة اليومية، لو حاسبنا أنفسنا عليها لتجمعت هذه المحاسبات، وتجمع لدينا الندم، وعصف بنا الألم، حتى يتسبب في جرح كبير وغائر، فيتجمع فيه صديد المعاناة النفسية يوما بعد يوم، ولربما فعل في النفس خراجا كبيرا لن نتخلص منه إلا بعملية جراحية كبيرة أي بمعاناة شديدة، ولعذبنا أنفسنا دون مبرر، ولسلبت منا طاقتنا دون داع، ولن نستطيع أن نقوم بأعباء الحياة المناطة على عاتقنا،لا تندم على ما فاتك، ولا تندم على أقوال أو أفعال فعلتها، فالندم هزيمة ووساوس نفسية، فلا تمكنها من نفسك، وعش حرا من مشاعر الحسرة والألم والندامة واستعن بالله.