11 سبتمبر 2025

تسجيل

في القدس قد نطق الحجر.. هناك – أيها الفلسطيني – ليس إلا أنت!! (2)

05 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); سؤال برسم الجواب: هل الانتفاضة قادمة؟منذ زمن طويل ونحن نبشر بأن الانتفاضة الثالثة قادمة، لأن ممارسات الاحتلال وأساليبه القمعية تستفز الحجر، كما أن تعديات مستوطنيه وتعمد تدنيسهم للمقدسات أوصلت الفلسطينيين لحالة من الغليان والرغبة في الانتقام غير مسبوقة، ولكن واقع الحال القائم في فلسطين والمنطقة من حيث الانقسام والصراعات الدامية لا يشجع بما فيه الكفاية للتحرك والنهوض، وهذا لاعتبارات أوردها الأستاذ هاني المصري في النقاط التالية:أولاً) عدم وجود قيادة للانتفاضة، فالرئيس أبو مازن أعلن - مراراً وتكراراً - معارضته لاندلاع انتفاضة جديدة، وعبَّر هذا الموقف عن نفسه من خلال منع العديد من المظاهرات، وأي شكل من أشكال الاحتكاك بين قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين في مناطق سيطرة السلطة، ودعا مؤخراً إلى التهدئة في القدس التي تشهد تصعيدًا إسرائيلياً غير مسبوق. ولعل هذا الأمر، يفسر لماذا تشهد المناطق غير الخاضعة للسلطة مثل القدس مواجهات أقوى وأعمق من غيرها.ثانياً) لعب الانقسام دوراً أساسياً في عدم اندلاع انتفاضة جديدة، كما لعب تعدد القيادات والمرجعيات والاستراتيجيات دوراً مهماً في الحؤول دون تحقيق الانتفاضات السابقة أهدافها، إضافة إلى أن الخلاف حول أهداف الانتفاضة وأشكال النضال المناسبة (سلميّة أو مسلحة) يلعب دورًا في تأخير اندلاع الانتفاضة.ثالثًا) عدم تحقيق الانتفاضات السابقة لأهدافها برغم البطولات الأسطوريّة والتضحيات الغالية، وانتهاؤها إلى حالة من الفوضى والفلتان الأمني، يجعل الشعب يخشى من الانتفاضة وغير واثق من انتصارها، فالانتفاضات الكبرى يحركها الأمل والثقة بالانتصار أكثر ما يحركها اليأس والإحباط، وإذا أضفنا إلى ما سبق نشوء طبقة ما بعد أوسلو التي ازدادت نفوذًا وثروة، أصبح من مصلحتها عدم اندلاع الانتفاضة وعدم انتصارها إذا اندلعت، ووقوع ثمار "السلم والحرب" في بطنها يجعل الشعب يفكر أكثر من مرة قبل الانتفاض مجددًا، إلا إذا جاءت الانتفاضة ردة فعل على تصعيد عدواني لا يتحمله الإنسان الفلسطيني كما يجري حاليًا في القدس.رابعاً) إن التغييرات العاصفة التي تشهدها المنطقة وما انتهت إليه من حروب داخليّة وطائفيّة ومذهبيّة تهدد في تفتيت - وحتى تقسيم - عدة بلدان عربيّة، تلعب دوراً في عدم إقدام الشعب الفلسطيني على الانتفاضة، لأنه يدرك أهميّة البعد العربي والإقليمي والدولي للقضيّة الفلسطينيّة ولمناصرة كفاح الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في تقرير المصير والعودة والاستقلال.بصراحة، إن حسابات السلطة الفلسطينية والرئيس أبو مازن تختلف 180 درجة مع رغبات الشارع بالضفة الغربية وفصائله الوطنية والإسلامية في التصعيد والمواجهة، ولذلك نشهد محاولات الأجهزة الأمنية العمل - دائماً - على تهدئة الأوضاع، وقمع أي تحركات ومظاهر احتجاجية ضد الاحتلال بكل الوسائل السلمية والعنفية.نتنياهو.. انقلاب السحر على الساحرمنذ أن بدأ يصعد نجم نتنياهو في الثمانينيات كدبلوماسي، ثم كرئيس للوزراء في التسعينيات، وحلفاء إسرائيل في الدول الغربية يتابعون أداءه السياسي، من حيث التزامه بالعهود والمواثيق مع الفلسطينيين ودول الجوار، ويبدو اليوم أن الكثيرين في دول الاتحاد الأوروبي قد فقدوا الثقة به، فهو بالنسبة لهم الآن ليس أكثر من كذَّاب أشر، ورجل يمتهن الدجل السياسي، ويعمل على التقرب من المستوطنين بهدف كسب أصواتهم، فكل ما يعنيه هو أن يبقى في السلطة إلى يوم يبعثون.لذلك، فإن التوجه العام في الدول الغربية أن هذا الرجل لا يحترم القانون الدولي ولا القانون الدولي الإنساني، وليس لديه رؤية سياسية ولا توجهات باتجاه تحقيق السلام مع الفلسطينيين، وهو متهم بجرائم حرب، وكل ما يقوم به هو التهرب من أي استحقاقات أو التزامات تجاه الفلسطينيين، والتحايل لشراء الوقت وفرض المزيد من الحقائق الاستيطانية على الأرض، وذلك بهدف الإجهاض على فكرة "حل الدولتين"، والتي تمثل منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993م الرؤية الغربية لإنهاء الصراع في المنطقة، من خلال قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي تمَّ احتلالها في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967م، والقدس عاصمة لها.لاشك أن هذه الرؤية تتآكل يوما بعد يوم، وهناك أكثر من شخصية إسرائيلية وغربية أشارت إلى أن "حل الدولتين" قد أصبح شيئاً من الماضي، حيث إن كل المعطيات على الأرض من حيث حجم الاستيطان وأعداد اليهود القاطنين في القدس والضفة الغربية، والتي وصلت إلى قرابة 750 ألف مستوطن لا تبعث على الاطمئنان، وهي بمثابة الحالقة لكل محاولات المجتمع الدولي تحقيق تسوية سلمية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.إن نتنياهو من خلال كل مواقعه السياسية هو من عمل على تعطيل ذلك، وهو يتحرش اليوم بالقدس والمقدسيين، وذلك بغرض إنجاز آخر مخططاته الاستفزازية بالاستيلاء على أكثر من موطئ قدم لليهود داخل ساحات المسجد الأقصى، والتي تنذر بحرب دينية صواعق تفجيرها بيد هؤلاء الغلاة من المستوطنين.ولعل هناك بعض التلميحات التي جاءت في هذا السياق على ألسنة الكثير من العرب واليهود محذرة من مخاطر وعواقب ذلك، ومنها ما صرَّح به يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك)، من أن دخول الاعتبارات الدينية في الصراع ستفضي إلى تأجيجه، محذراً من أن هذا التطور لا يهدد بتفجر الأوضاع مع الشعب الفلسطيني فقط، بل سيجلب أيضاً مواجهة مع العالمين العربي والإسلامي.وفي نفس السياق، كانت التحذيرات التي أوردتها وسائل الإعلام على لسان الرئيس محمود عباس، ووزير الأوقاف الأردني محمد نوح القضاة، والمهندس عدنان الحسيني وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية، وكذلك بيان الجامعة العربية، وكلها تندد من استمرار سياسات الاستهتار بمشاعر المسلمين التي تقوم بها إسرائيل في المسجد الأقصى، وتحذر من اشتعال فتيل "الحرب الدينية"، التي قد تقود المنطقة بكاملها، ولن تقف تداعياتها عند حدود فلسطين فحسب بل ستمتد إلى مناطق أخرى من العالم.ومن الجدير ذكره، أن الدول الغربية هي بصدد إنزال بعض العقوبات على إسرائيل، كما أن بعضها الآخر قد لوَّح بورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كوسيلة للضغط على نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.. في الواقع، فإن ما نراه اليوم هو أن سحر نتنياهو قد انقلب عليه، وفقد بريقه السياسي، وأن مشروعه في السماح للمستوطنين في استباحة ساحات المسجد الأقصى وتدنيسه بأحذيتهم لن يؤتي أكله، وسوف تدفعه ردات فعل المقدسيين للتراجع والابتعاد وتجنب اللعب بالورقة الدينية مرة ثانية. إن نتنياهو اليوم، ومن وجهة نظر المجتمع الدولي، هو مجرم حرب مطلوب للعدالة، وسرعان ما ستلاحقه القضايا بمحكمة الجنايات الدولية (ICC) في لاهاي، وهو في المشهد الإنساني يشكل تهديداً للسلم العالمي، كما أنه "يشكل التهديد الأكبر لوجود إسرائيل" كما عبر عن ذلك بصراحة أستاذ القانون الدولي ويليام شاباس، رئيس لجنة تقصي الحقائق في جرائم الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.لن ينجو نتنياهو في علاقاته المتوترة مع أمريكا والمجتمع الدولي، وستكون المواجهات في القدس هي الحبل الذي يلفه بغباء حول عنقه أو الرصاصة التي تصيب ساقه وتشل حركته، ليعيش معها – كمعاق - مذموماً مدحورا.ختاماً: في القدس.. من في القدس؟ويبقى السؤال الذي يردده الفلسطينيون – باستنكار وغضب - حيال حالة التخاذل العربي والصمت الإسلامي تجاه ما يجري في القدس، والتي تستفز مشاعر المدافعين عن المسجد الأقصى والمرابطين فيه من شباب الحركة الإسلامية، أين العرب؟ أين المسلمون؟ ولولا بعض كلمات المواساة التي أطلقتها تركيا على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان، حيث قال في كلمة ألقاها أمام منتدى رجال الأعمال الجزائري - التركي في الجزائر:"عشنا وشاهدنا جميعنا بكل أسف العمليات البربرية الإسرائيلية التي لا يمكن السكوت عليها".. وأضاف: "إن المسجد الأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم، بل هو أحد أهم مقدساتنا المشتركة جميعاً. إن الاعتداء على المسجد الأقصى يعتبر اعتداءً على مكة المكرّمة، وإنّ على الحكومة الإسرائيلية أن تنهي هذه الأفعال الشنيعة فوراً".وبالتوازي مع تصريحات الرئيس أردوغان، فقد أكّد رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى لا يمكن قبولها، وأنّ تركيا ستفعل ما يلزم لإنقاذ الأقصى من دنس اليهود.. وأوضح قائلاً: "إنّ القدس أمانة في أعناقنا من سيدنا عمر، وأمانة "ياووز" سليم الأول، وسليمان القانوني، والسلطان سليم. فلو تخلى العالم كله عن القدس، فلن نتخلى عنها، لأنّ القدس قضيّتنا، وستظل إلى الأبد قضيّتنا".لقد كانت هذه المواقف هي الأقوى من بين كل التصريحات التي جاءت باهتة وهزيلة من جهات عربية وإسلامية أخرى.إن القدس والأقصى هما بوصلة الأمة الإسلامية لاستعادة مجدها التليد، وهما فتيلُ ثورة سوف تنتصر، وإذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء فسنجد أن فلسطين وأرضها المباركة كانت هي ساحة النصر والعنفوان لتجليات الظهور لأمتنا الإسلامية في كل معاركها الفاصلة عبر التاريخ، من اليرموك إلى حطين وعين جالوت. فالقدس هي عنوان الأمة ورايتها المنشودة، وأن الاحتلال ليس أكثر من ظاهرة عابرة وسيزول، وعن أرضها سيندثر، وسيبقى أبطال القدس ورجالها الأشاوس هم "رأس النفيضة" وسنان الرمح، وهم بمشاريعهم الاستشهادية لن يخذلوا مسجدهم المبارك وآثار الصحابة والتابعين في أكنافه، وسيان تحرك العرب أو استمروا في غفوتهم حتى حين، فستظل الصرخة التي أطلقها الشاعر تميم البرغوثي تدوي في الآفاق معبرة عن واقع الحال:في القدسِ، من في القدسِ، لكنْ.. لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْتْ!!