12 سبتمبر 2025

تسجيل

ومع البدع ظهر مكياج العزاء

05 ديسمبر 2013

لا يمضي يوما إلا ويسود شبح الحزن بيوتاً، فتضيق الصدور وتتألم، وتذرف الدموع لفراق غال، وتتعدد أشكال الموت ولكنه قضاء الله وقدره، فيبدأ العزاء.... تنصب ثلاثة أيام للعزاء هي ما جاءت به السنة، يأتيه الأقارب والجيران والأصدقاء والزملاء وحتى من كان في حياة الميت يكرهه. التعزية مستحبة وليست بواجبة في الاسلام ولا فرضا...قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله عزوجل من حلل الكرامة يوم القيامة". مخالفات كثيرة في أيام العزاء وبدع مستحدثة عند النساء بالذات تبدأ بزيارات أهل الميت صباحاً ومساءً وتكرر يوميا، ليس لثلاثة أيام فقط بل قد تمتد لأسابيع، ولا يُترك وقتا لأهل الميت للراحة، بل ويُكلفون بالضيافة. ومن المخالفات الجلوس لوقت طويل لغير الأهل الخاصة في مجلس العزاء، يضطر أهل الميت للبقاء من أجلهم فلا يرتاحون، والصحيح هوالتعزية والخروج. كذلك فتح تسجيل قرآن ليستمع الحضور، يتخلله وقد يُعلى عليه أحاديث النساء المختلفة، بل لقاءات حارة وسلامات قد تصل لإبتسامات وضحكات هو من إساءة الأدب في حضرة من يعزيه. إن التحدث لأهل الميت والترحم عليه، وإظهار الحزن عليه، وتعداد مآثره، وتذكيرهم بالله والصبر على البلاء هو أفضل ما يعزي به أهل الميت، وهكذا كان السلف يفعلون، روى في حديث طويل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها:"ما أخرجك يا فاطمة من بيتك، قالت:أتيت أهل هذا الميت، فترحمت إليهم ميتهم أوعزيتهم به" وأُستحدث في العزاء دعوة الداعيات أوذهاب داعيات تطوعا لإعطاء دروس لثلاثة أيام العزاء، ومما يؤسف أخطاء البعض منهن عند ذكر الأحاديث أو قراءة الآيات... إلخ، وترى منهن من تدخل في مواضيع متعددة غير مركزة فيما تريد أن توصل الجمع إليه، ثم تدعو وتشجع على جمع التبرعات ثم تختمها بدعاء للميت يؤمن عليه الحاضرات. ومن المستحدث المبتدع الذي أتفق الأئمة على كراهته أثناء العزاء هو قيام أهل الميت بصنع الطعام للناس يجتمعون عليه؛ لحديث جرير قال: " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة". وفي السُنة أنها على من يأتي للعزاء لكون أهل الميت مشغولين في مصابهم، لقوله صل الله عليه وسلم:"إصنعوا لأهل جعفر طعاماً فإنه قد جاءهم ما يشغلهم". ووجود مضيفات لتقديم المشروبات الساخنة هو من الأمور المبتدعة التي يتحمل أهل الميت دفع أجورهن ليقدمن أشكالا وألوانا من القهوة والشاي الأحمر والحليب وحليب الحسو وحليب زنجبيل وحليب الفستق (حشى حفلة!)، والبعض الله المستعان يضع الفوله...(وراه زيارة؟!؟). وأما التوزيعات فتكون في ثواب فلان/فلانة..ولو أُستبدلت هذه الكتيبات والأشرطة التي توزع على ناس قد لا تقرأ أو تسمع شريطاً بمبلغ تسد فيه حاجة لفقير لكان أفضل. ومع ما سبق من أمور مستحدثة أصبحنا نراها عادية ولا أحد ينكرها، إلا أن "مكياج العزاء" فجر الجميع فبدأنا نقول:"لا...طااالت وتشمخت" لما رأينا أن البعض من النساء يأتين بمكياج بل وبعبايات لا تصلح لمكان العزاء، وهي حرام في أصلها ولا يصلح الخروج بهيئتها هذه خارج بيتها فكيف بلغ بالبعض الأمر أن يسئن الأدب مع المعصية فيحضرن العزاء بهيئة الفرح؟! فما أن تتواجد مثل هؤلاء النسوة حتى يصبحن حديث ذلك العزاء. وعلى ما سبق علينا دائماً أن نتوقف عند بعض الأمور لنرى هل هي من السنة فنأخذ بها، أم بدعة مستحدثة فننبه لها ونبتعد عنها؟ فتصحيح الأمور هو أمر مهم، لأن أمامنا جيل التعليم الحديث الذي لا يعرف من الدين إلا قشوره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. فلا نستحدث أمورا ليست من السنة. لكل من تذهب للعزاء: راعي وقت ذهابكِ، وشكلكِ، ولا تجلسي طويلاً، وراعي قولك فهناك قلوبا قد أفجها الموت وقتلها الحزن، واكتفي بمرة واحدة للتعزية لا أسابيع. ولأهل العزاء لا تبتدعوا ماليس في السنة من طبخ وتوزيعات وداعيات ومضيفات... الخ. فيكفي حزنكم ولا تزيدوا الحزن إثماً. همسة: علينا التعاون بالابتعاد عن البدع المستحدثة التي اعتدنا عليها فظنناها من السنة وهي ليست كذلك. وعلى المعزيات مراعاة المحزونين على فقد غاليهم. لا أرانا الله وإياكم حزنا على غال. آمين دمتم في حفظ الله ورعايته