17 سبتمبر 2025

تسجيل

المعارضة المصرية وإسقاط الديمقراطية الوليدة

05 ديسمبر 2012

التحركات التي تقودها المعارضة المصرية الآن ليس لها سوى هدف وحيد عبرت عنه في بياناتها المختلفة، وهو إسقاط نظام الرئيس محمد مرسي، أي إسقاط الديمقراطية التي أرستها ثورة الخامس والعشرين من يناير، على اعتبار أن هذا النظام جاء عبر انتخابات حرة نزيهة شهد بها العالم أجمع. وتأتي هذه التحركات في إطار خطة تقوم على تنفيذها قوى المعارضة، التي اجتمع فيها للمرة الأولى الأحزاب والحركات الاشتراكية مع الأحزاب الليبرالية رغم الاختلاف الفكري الهائل بينهما واعتبار كل منهما للآخر عدوا، وذلك بالتعاون مع قوى خارجية تسعى إلى إجهاض حكم الإخوان المسلمين، نظرا إلى أنه يمثل خطرا كبيرا عليها. فقد كشفت المخابرات المصرية خلال الأيام الماضية عن وجود تدفقات مالية آتية من دول عربية وغير عربية تضمر العداء الشديد للإخوان، للإنفاق على التحركات التي تقودها قوى المعارضة. وقد اكتمل مشهد المخطط مع الزيارة التي قامت بها السفيرة الأمريكية بالقاهرة لحزب الوفد منذ يومين، بهدف تنسيق تلك التحركات من أجل تشديد الضغط على الرئيس مرسي لدفعه إلى الاستقالة أو في أقل الأحوال إلى إعادة النظر في عملية الاستفتاء على الدستور، بحيث يتم إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور مع منحها فرصة لمدة ستة أشهر جديدة من أجل صياغة دستور يتفق وتوجهات تلك المعارضة، وأهم ما فيها إعادة الانتخابات الرئاسية مرة أخرى من أجل ضمان فرصة جديدة لهذه القوى للوصول إلى سدة الحكم والقضاء على حكم الإخوان في بدايته. لكن صمود الرئيس حتى الآن ورفضه تقديم أي من تلك التنازلات التي تطلبها المعارضة، سواء فيما يتعلق بإلغاء الإعلان الدستوري الأخير أو وقف الاستفتاء على الدستور، فضلا عن قيام فصائل التيار الإسلامي بحشد أعداد هائلة من المواطنين يوم السبت الفائت وصلت إلى أكثر من 15 مليون متظاهر حسب وكالات الأنباء العالمية، وذلك لإعلان دعم الرئيس في مواجهة المعارضة، أفشل تحركات المعارضة وجعلها غير قادرة على الاستمرار في تحقيق أهدافها بشكل سلمي، ما دفعها إلى الاتجاه إلى استخدام العنف لتحقيق هذه الأهداف، فأعلنت عن تنظيم مظاهرة الإنذار الأخير إلى القصر الجمهوري مع التصميم على توجيه المتظاهرين لاستخدام العنف ضد قوات الأمن التي تحمي المقر الرئاسي، لبدء اشتباكات شبيهة بتلك التي وقعت في شارع محمد محمود والقصر العيني الأسبوعين الماضيين، لإظهار النظام الجديد وكأنه يستعمل العنف ضد المتظاهرين كما فعل النظام السابق. لكن تنسى المعارضة أمرا هاما وهي تسعى إلى الإطاحة بالنظام الجديد، أن هذا النظام منتخب من أكثر من 13 مليون مواطن وأن شعبيته زادت في الفترة الأخيرة بدرجة كبيرة، وأن هؤلاء الذين انتخبوا النظام سوف يدافعون عنه حتى النهاية، ولن يسمحوا بسقوطه، وهو ما يعني أن كل تحركاتهم سوف تفشل، ولن يتبقى منها سوى ما سيذكره التاريخ أنهم سعوا إلى القضاء على الديمقراطية الوليدة من أجل مصالحهم الشخصية.