19 سبتمبر 2025
تسجيليتخلل شهر نوفمبر ثلاثة أحداث رئيسية ستؤثر بشكل مباشر على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يأتي على رأسها الانتخابات النصفية التي ستحدد مصير أحد مجلسي الكونغرس على الأقل، ثم العقوبات على إيران والتي تمثل الساعة صفر في بداية الحملة الأمريكية على نظام طهران، ثم قافلة المهاجرين التي تنطلق من مختلف دول أمريكا الوسطى متجهة نحو الحدود الأمريكية، هذه الأحداث الثلاثة منفردة ومجتمعة سترسم شكل العامين المتبقيين من فترة ترامب الأولى. الانتخابات النصفية والتي تقام بعد عامين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تقام كل أربع سنوات في الولايات المتحدة تكون عادة فرصة مناسبة للناخب الأمريكي لمعاقبة من انتخب على ضعف أدائه، لذلك في كثير من الأحيان ينجح حزب الأقلية في تعزيز حضوره من خلالها، في هذه الانتخابات تشير الاستطلاعات إلى احتمالية عالية لسيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، وهو الغرفة الأدنى في الكونغرس، بينما لا يتوقع أن يستفيدوا في مجلس الشيوخ بل على العكس سيخسرون غالباً بعض مقاعدهم، وفي حال نجح الديمقراطيون في حيازة الأغلبية في مجلس النواب فسيمثل ذلك تحدياً قاسياً أمام أجندة الرئيس التشريعية؛ حيث يمكن للنواب تعطيل التشريعات التي يتقدم بها البيت الأبيض، كما سيسعى الديمقراطيون لسن تشريعات مخالفة لتوجهات الرئيس، هذا التحدي الكبير هو الذي يدفع بالرئيس الأمريكي لتعزيز خطابه التعبوي ضد إيران والمهاجرين والإعلام واليسار، ولكن كل ذلك لن يفلح على ما يبدو في المحافظة على المجلسين في يد حزبه. إعادة تطبيق العقوبات الأمريكية على طهران، هو السلاح الأهم في جعبة البيت الأبيض ضد إيران، العقوبات تستهدف أهم رافدين للاقتصاد الإيراني، قطاع الطاقة والقطاع المالي، إيران تعتمد بشكل كبير على صادراتها من النفط وعلى التحويلات المالية في إطار النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة والعقوبات تستهدف منع تصدير النفط عبر فرض عقوبات على من يشتريه ومنع إيران من التعامل عبر النظام المالي العالمي عبر فرض عقوبات على الشركات والأفراد والمؤسسات المالية التي تتعامل مع أكثر من 600 مؤسسة وفرد تم تسميتهم ويمثل ذلك باختصار معظم الجهات الحكومية والمرتبطة بالحكومة في إيران، هذه العقوبات أمريكياً لها أهداف داخلية وخارجية، خارجياً تريد إدارة ترامب ضرب إيران ضربة غير مكلفة عبر هذه العقوبات وإنهاء الصفقة حول النووي الإيراني عبر إجبار العالم على النكوص عنها وكل ذلك يأتي متماهياً مع سياسة إدارة نتنياهو تجاه طهران، داخلياً يريد ترامب تنفيذ أحد أهم وعوده الانتخابية وهو استهداف النظام الإيراني وإلغاء الاتفاق الذي دأب على انتقاده، لذلك اختيرت ذكرى احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران عام 1979 موعداً لفرض العقوبات، وبالطبع هو ذات الشهر الذي تجرى فيه الانتخابات النصفية. وأخيراً تتقدم قافلة تجمعت من المهاجرين من مختلف دول أمريكا الوسطى باتجاه الحدود الأمريكية، وذلك بهدف الهروب من الظلم والفساد والفقر حسب المنظمين، وفرت القافلة فرصة لترامب لاستخدام أسلوبه التخويفي المعتاد مع قاعدته التي تتبنى مواقف سلبية من الهجرة، قال ترامب إن القافلة التي تجاوز تعدادها خمسة آلاف شخص تعتبر تهديداً للولايات المتحدة وأنها تضم رجال عصابات وإرهابيين وأنها دليل على أهمية الجدار الذي يريد أن يبنيه على الحدود مع المكسيك، كما هدد باستخدام أمر تنفيذي لإيقاف منح من يولد في الولايات المتحدة الجنسية بشكل تلقائي، بالنسبة لترامب جاءت القافلة في وقتها لتوفر دعاية مجانية له ولحزبه، أمر الرئيس الجيش بالتوجه للحدود في استعراض إعلامي فج، ولكن أي مواجهة تقع مع القافلة ستمثل بلا شك أزمة علاقات عامة دولية للرئيس، لكنه على ما يبدو مهتم فقط بقاعدته الانتخابية ونشر الخوف الذي يدفع الأمريكيين باتجاهه وسياساته. كل ذلك يجري وفي الخلفية تحديات أخرى لترامب مثل قضية خاشقجي التي تحوم حول علاقة إدارته بالرياض وتحقيقات مولر المستمرة، ولكن التفاعل بين هذه الأحداث الثلاثة والصورة التي ستتشكل خلال شهر من اليوم ستعطينا تصوراً حول العامين القادمين. [email protected]