13 سبتمبر 2025
تسجيلهل نحن أمام نظام جديد يحكم سوق النفط تفقد معه أوبك قدرتها في إدارة ميزان السوق؟سؤال يتم تداوله في السوق في ظل البحث عن حلول تضمن إعادة الاستقرار إلى السوق والخروج من حاله ضعف أسعار النفط، وضبط المعروض بما يخدم أمن الطاقة.لا يختلف أحد على قوة أوبك في التأثير على مسار السوق وذلك واضح من خلال امتلاكها 72% من إجمالي احتياطي النفط منه نهاية عام 2013 حسب الأرقام المنشورة في الإحصائية السنوية التي تصدرها شركه بي بي، وحالياً تقدر وكالة رويترز إنتاج أوبك من النفط الخام لشهر أكتوبر 2014 عند 31 مليون برميل يومياً، وتشير التقارير أن الفائض التي تمتلكه أوبك حاليا يقدر عند 3 ملايين برميل يومياً، هذه أدوات تضع أوبك بلا شك في القيادة وإدارة المعروض في السوق، ولست في معرض إثبات نجاحات أوبك في حسن إدارة المعروض وضمان استقرار الأسواق بشهادة كل مراقب منصف في السوق.ولكن هناك تطورات تشبه إلى حد كبير الفترة التي تم اكتشاف نفط بحر الشمال وتأثيره على السوق والتسعير آنذاك، والآن ومع آفاق تطوير النفط الصخري، والتنقيب في منطقة المحيط المتجمد الشمالي ويسمى ايضا محيط أركتيك، أصبح موضوع بلوغ إنتاج النفط الذروة من الماضي ويحل مكانه أن المعروض من النفط الخام في السوق سيكون السمة الغالبة لسنوات قادمة، وهو بلا شك يؤثر في معطيات السوق النفطية.طبعاً تطوير إنتاج النفط الصخري في السوق الأمريكية كان له تأثير يستمر لسنوات قادمة ويشمل النواحي الآتية، بإيجاز، منها ؛ (1) دعم صناعة التكرير لتصبح المصافي الأكثر ربحاً في العالم ولتتحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى سوق منتجة ومصدرة للمنتجات البترولية إلى أمريكا اللاتينية، وإفريقيا، وأوروبا، وتؤثر سلباً على صناعة التكرير في أوروبا والتي تعاني من عدة أمور وتسهم في إغلاق العديد منها بقصد إزالة الفائض من المصافي في أوروبا، (2) تصريف النفوط التي كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في السابق، إلى الأسواق الواعدة وهو وضع يعني أن السوق أصبح سوقاً يحابي المشتري ويعني أن المنتجين باختلافهم يبادرون إلى أساليب تسويقية جديدة لضمان المحافظة في تلك الأسواق الواعدة، (3) دعم الاقتصاد الأمريكي وضمان توقير وظائف بوتيرة متزايدة وأصبح تخصص الهندسة من التخصصات التي يقبل عليها في الجامعات الأمريكية.وعلى صعيد داخل أوبك، بدأ الحديث عن عودة إيران إلى السوق النفطية يكون أكثر جدية وينعكس فعلياً على ارتفاع مبيعات النفط الخام الإيراني إلى أسواق الصين والهند بشكل واضح وإن كان بصفة تدريجية وبوتيرة متواضعة، ولكنها تبقى كميات إضافية تدخل سوق النفط، وقد استفادت من الحظر المفروض عليها في تبني أدوات واستراتيجيات خدمت إيران في تثبيت تواجدها في تلك الأسواق.كذلك الوضع بالنسبة إلى ليبيا، رغم الحالة السياسية غير المستقرة، إلا أن إنتاج ليبيا يرتفع ويعود إلى السوق بوتيرة نسبيا عالية، وقد بلغ إنتاج ليبيا من النفط الخام حاليا عند مليون برميل يوميا وهي زيادة كبيرة، وتستهدف ليبيا الرجوع إلى المعدلات الطبيعية عند 1.7 مليون برميل يومياً.أما العراق فإن إنتاجها ارتفع بشكل كبير وثابت خلال السنوات الماضية ويدعمه الاستثمار في مرافئ التصدير ويقدر حاليا عند 3.3 مليون برميل يومياً والتوقعات أنه في ارتفاع متواصل وإن كان من الصعوبة الجزم بحجم الزيادة ولكن بالإمكان توقع 300 ألف برميل يوميا سنوياً، ونجاح العراق في تصدير نوعين من النفط وخما بصره خفيف، وبصره ثقيل، يقدم أريحيه للمشترين حول ثبات نوعية النفط ويعطي العراق المرونة للتسعير بأريحية خصوصا النفط الثقيل وهو ما يساعدها في تأمين أسواق لنفطها تتناسب مع احتياجات الأسواق حيث إن المصافي الجديدة لديها قدرات تكسيرية وتحويلية عالية تنجذب إلى النفوط الثقيلة إذا ما كان السعر مناسب ويدعم اقتصادات المصافي.اعتدال تنامي معدلات الطلب العالمي على النفط خصوصا في الأسواق الواعدة التي تمثل الدعامة التي ترتكز عليها التوقعات في المستقبل، الصين مثلاً ؛ ارتفع الطلب فيها خلال عام 2011 عن عام 2010 بمقدار 530 ألف برميل يوميا، وفي عام 2012 عن عام 2011 بمقدار 410 ألف برميل يوميا، وفي عام 2013 عن عام 2012 بمقدار 320 ألف برميل يوميا، وفي عام 2014 عن عام 2013 فقط 180 ألف برميل يوميا، وهو تطور غير واعد بالنسبة للسوق التي توجه استثماراتها النفطية سواء الخاصة برفع قدراتها الإنتاجية أو طاقة التكرير أو صناعة البتروكيماويات وأي مؤشرات في تراجع التنامي في السوق الصينية يمثل لتهديد وتحد لصناعة النفط.طبعاً انحسار تنامي الطلب إلى أسواق بعينها يزيد من المخاطر خصوصا في حالة حدوث ركود اقتصادي من جهة، وكذلك تناقص وتيرة التنامي في الأسواق الواعدة يمثل تحدياً كبيرا أمام تصريف النفوط في أسواق آمنة، وهو مستجد يعني أن أمام المنتجين ظروفا تحتاج إلى مرونة وتنسيق واستثمار وعلاقات شراكة استراتيجية.دور بيوت المضاربة في الأسواق الآجلة فاعل ومتنامي في سوق النفط ويؤثر في مسار أسعار النفط وانطباعاتهم مهمة في تحديد توجهات الأسعار من خلال تحديد عمليات الشراء أو البيع في تلك الأسواق. التصعيد الجيوسياسي هو تطور يؤثر في سوق النفط خصوصا عندما يعني انقطاع في إمدادات النفط من السوق ويستدعي تغطية النقص بشكل عاجل، كما أن ضعف هذه المعطيات تكون ثمرته وفرة نفطية في السوق ينبغي ضبطها في السوق وهو ليس بالأمر اليسير كما هو الحال الآن.أرجو أنه تم التوضيح بشأن معطيات السوق التي تفرض على أوبك واقعا جديدا لا يقلل من قدرتها على ضبط إيقاع السوق النفطية ولكنه يؤكد الحاجة إلى تنسيق داخل الأوبك لاستيعاب الزيادات المتوقعة وضبطها مع الطلب العالمي على النفط، كذلك التنسيق من خارج الأوبك لأن هبوط الأسعار لا يفيد البلدان المنتجة للنفط وهي تشمل دولا مستهلكة كبيرة مثل الصين وأمريكا وكندا.وبالنظر إلى الوضع فإن النصف الأول من عام 2015 فإن أرقام الطلب والعرض حسب مصادر السوق، تشير إلى أن الطلب على نفط الأوبك يكون عند 28.5 مليون برميل يوميا، ولكن استمرار الإنتاج عند 31 مليون برميل يوميا حسب تقديرات أوليه في السوق فإن ذلك يعني فائضا بمقدار 2.5 مليون برميل يوميا، وهو يعني أن الضغوط على أسعار النفط تظل كبيرة ومرشحة للبقاء عند مستويات متدنية حتى يتم تحقيق توازن السوق.