16 سبتمبر 2025
تسجيلالخطاب وثيقة أساسية شملت تحليل كل معضلات السياسات واقترحت لها الحلول صدى كبير للخطاب في محافل الأمم المتحدة تردد على ألسنة الدبلوماسيين خطاب سمو الأمير تضمن القيم السامية والمعاني السياسية والمبادئ الأخلاقية نال خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ما يستحقه من نشر واسع وصدى كبير في محافل الأمم المتحدة وعلى ألسنة الدبلوماسيين لما ورد فيه من قيم سامية ومعان سياسية ومبادئ أخلاقية تميزت بالصدق في القول والجرأة في التمسك بالحق، ولعلها مثل خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حازت اصطفاف الضمائر العربية والقلوب المسلمة حولها، وهذا ليس غريباً من زعيمين اختارا أن ينحازا إلى شعبيهما ويصدحا بما يريانه الأصدق والأعدل في القضايا العربية والإسلامية المطروحة على الأمم المتحدة في جمعيتها العامة الثالثة والسبعين. ولنبدأ بعرض المبادئ التي أكد عليها صاحب السمو الأمير، وأولها الإشارة إلى عالمية الأزمات الراهنة وكونيتها في الاقتصاد والاجتماع، وقول سموه: إن هذه الأزمات لا تعرف الحدود ولا تقف عند بلدان بعينها، ولهذا السبب يجب أن تتلاءم منظمة الأمم المتحدة مع تدويل الملفات وتعمل على تجميع جهود كل الدول والتنسيق بينها، وذلك بتوظيف آلية القانون الدولي وأحكامه كمرجعية تستجيب لتطلعات الشعوب للسلام والعدالة. وفي هذا الإطار المرجعي، وضع سمو الأمير مظلمة الحصار الجائر المضروب على قطر وأثبت بالحجة أن الحصار سبقته نوايا وممارسات خطط لها المحاصرون وأعدوا لها مزاعم مدبرة سلفا انتهكت بنود القانون الدولي، ثم تطرق الأمير إلى فشل الحصار الاقتصادي في إرباك المسيرة التنموية القطرية، مؤكدا أن العكس هو الذي حصل فقد ترسخ النمو وتنوعت العلاقات التجارية وازدادت الاستثمارات القطرية في الخارج والاستثمارات الخارجية في قطر، وأكد سمو الأمير أن قطر مهما وقع عليها من ظلم فهي ما تزال تدعو إلى حل الخلافات بالحوار، وأن قطر دعمت كل المساعي والوساطات، لأنه في النهاية أدرك المحاصرون أنهم فشلوا، داعيا إلى تحويل محنة الحصار إلى فرصة تاريخية لإصلاح مجلس التعاون عوض تبذير الأموال وإهدار الطاقات في خلق الأزمات الإقليمية وتوتير العلاقات الأخوية. ثم استعرض سمو الأمير موقف قطر من القضية الأم للأمة الإسلامية والعربية، فقال إن هذه المظلمة تعد آخر ملف استعماري في العالم بعد أن صفي الاستعمار في كل القارات، وأضاف سموه: إنه لا مجال لتصفية قضية الشعب الفلسطيني وإن محاولات تغيير الوضع التاريخي والروحي لمدينة القدس سوف تبوؤ بالفشل، مشيراً إلى أن هذه المظلمة لا تحل باختلال موازين القوى بل بالاحتكام للعدل السياسي والشرعية الدولية وليس بتفاقم الاحتلال والاستيطان بل بالرجوع لحل الدولتين وتحمل مجلس الأمن لمسؤولياته التاريخية، مؤكداً أن قطر ستواصل دعم الشعب الفلسطيني مادياً وسياسيا. وأشار سمو الشيخ تميم إلى المأساة السورية وما يعانيه شعب سوريا من قصف وتهجير وتشريد تبلغ حد الإبادة. وتحدث سموه عن المعضلة اليمنية، مؤكدا أن حلها يكمن في تفعيل قرار مجلس الأمن 2216 والحفاظ على سلامة المدنيين والحرص على وحدة الدولة اليمنية، وأعلن الأمير عن اتفاق قطر مع منظمة الأمم المتحدة لإنشاء صندوق للقضاء على وباء الكوليرا، وهو مشروع حصري وميداني سينقذ حياة ملايين اليمنيين من الموت بذلك الوباء، كما عرج على الحالة الليبية المتردية والتطورات الخطيرة المهددة لأمن ليبيا الشقيقة، رافضاً كل تدخل أجنبي مسلح في هذا البلد المنهك بسبع سنوات عجاف من الصراع الداخلي، مشدداً سموه على دعم قطر لاتفاق الصخيرات سنة 2015 الذي أعلن أن الأولوية للوحدة الوطنية وإعادة بناء مؤسسات الدولة وهي التي ستصون المصالح الوطنية العليا، وعن العراق قال سمو الأمير إن مقاومة كل أشكال الإرهاب هي الأولوية القصوى في هذا البلد الجريح وأن قطر تثمن جهود الحكومة العراقية التي تفرزها الانتخابات في حربها ضد بؤر الإرهاب الأخيرة في العراق وإعادة إعمار هذا البلد الأصيل. وختم سموه خطابه التاريخي بالتأكيد على أن دولة قطر تقاوم الإرهاب ميدانيا وفعليا من أجل اجتثاث جذوره مثلا بتوفير التعليم لعشرة ملايين من أطفال العالم المحرومين من المدرسة والمهيئين ليكونوا من حطب الإرهاب العالمي، لأن التعليم الى جانب التضامن مع المحرومين هو من أسس تمكين الشعوب من العيش الكريم واختيار الأمن والسلام أي من صنع المصير الأفضل للإنسانية جمعاء. هذه قراءتنا المتأنية للأسباب التي موقعت الخطاب في فلك الرؤى التاريخية المستشرفة للمستقبل لدى أغلب المراقبين والخبراء للسياسات الدولية في عديد مراكز البحوث الإستراتيجية الأوروبية والأمريكية والصينية، حيث شكل الخطاب بحق وثيقة أساسية شملت تحليل كل معضلات السياسات الحديثة واقترحت لها الحلول العاجلة والآجلة.