18 سبتمبر 2025
تسجيلأكيد المقصود بهذا العنوان هم القادة الفلسطينيون الذين حيروا شعبهم الفلسطيني، وحيروا أشقاءهم العرب، وأصدقاءهم في البرية الإنسانية، حيروهم جميعا بخلافاتهم السرمدية التي لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد. وألسنة جميع المستغربين المشفقين لا تفتأ تكرر السؤال المحوري: على ماذا يختلف القادة الفلسطينيون، وقصعتهم لم يعد فيها ما يستوجب الخلاف حوله. نعم، رفع العلم الفلسطيني فوق سارية الأمم المتحدة رغم أنف العدو الصهيوني واعتراضه هو معزة ومفخرة لشعب مظلوم ويمثل ضربة للصلف الصهيوني ورسالة إلى العدو تقول بأن القضية الفلسطينية أصبحت عصية على الحصار وأكبر من قدرته على حصارها كما كان يحدث في الماضي. لا أحد ينكر أن رفع علم فلسطين قد تأخر بحوالي الستين عاما لأن الفلسطينيين رفضوا بمحض اختيارهم استلام دولتهم المقترحة بحجة أن القسمة كانت قسمة ضيزى. ولم يستجب القادة الفلسطينيون ومشايعوهم من القادة العرب لنصح السياسي الفذ الحبيب بورقيبة الذي كان يصرخ فيهم ويحكم خذوا وطالبوا بالباقي. إلا أنهم لم يستجيبوا لذلك النصح إلا في ضحى الغد، بعدما فتحوا عيونهم المغمضة ليجدوا شارون وهو منهمك في قضم ما حسبوه قسمة ضيزى ساعتها، ليصبح ما حسبوه قليلا أكثر قلة وأصبح مرشحا ليكون في عداد العدم إذا استطال النزاع أكثر من هذا ووجد العدو الوقت لينفذ مخططاته للسطو النهائي على الدولة الفلسطينية حتى يحولوها إلى مجرد أضغاث أحلام غير قابلة للعبور إلى دنيا الواقع. نعم يستحق الفلسطينيون أن يفرحوا برفع علمهم بعد ستين عاما من الانتظار. رغم الحقيقة المرة التي تقول إنه لا يدرى أحد متى يصار إلى رفع الدولة نفسها على قدميها. مع الخشية من أن يتحول الحلم برفعها إلى حلم دائم. أو إلى أثر بعد أن كانت الدولة حقيقة واقعة في1 نوفمبر1947.أما الإجابة على السؤال المحوري الذي نصه: على ماذا يتناطح (القادة) الفلسطينيون ويؤخرون الصلح النهائي بينهم، بل يتحاورون أحيانا بالذخيرة الحية، ويسيلون دماءهم مثلما يسيلها الصهاينة في وقت تتلاشى فيه أراضيهم بالتدريج البطيء اللئيم. والحلفاء القدامى وقد سئموا خلافاتهم وقفوا يتفرجون عليهم في حسرة، والعدو وقف يتفرج في انبساطة وانسراح وشماتة. ومنظمات الغوث الدولية قد ضجت من ضمور ميزانياتها المخصصة لشعب هؤلاء القادة المتعاركون في غير معترك. هل تحقيق الوفاق الفلسطيني صار دونه خرط القتاد. المراقبون المحايدون يلومون في جملة قصيرة واحدة هي حب الأثرة السياسية والوله بمقعد القيادة. حتى إذا كان هذا المقعد غير وثير وغير مريح في الحالة الفلسطينية. هل تحدث المعجزة المرتجاة منذ عقود ونصحو ذات صباح ونلقى أنفسنا أمام حالة فلسطينية جديدة. حالة وفاق تجب ما قبلها من الحالات غير المواتية. رغم أننا نعيش زمنا جف فيه معين المعجزات. ولكن الله غالب.