11 سبتمبر 2025
تسجيلأحد أسوأ استخدامات التقنيات الحديثة الترويج لأفكار ضارة ولا تتفق مع القيم الاجتماعية والإنسانية والدينية، ذلك يبدو واضحا من خلال العملية التفاعلية والاتصالية الواسعة في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تتخذها الجماعات المتطرفة فضاء لها في استقطاب وتجنيد الشباب، مستغلين تواضع قدراتهم الفكرية وهشاشة بنيتهم العقلية التي لم تصل مرحلة الوعي بتناقضات تلك الأفكار وزيفها وأخطائها. من الصعب، بطبيعة الحال، السيطرة التربوية والأمنية على ما يحدث في موقع تواصل فاعل مثل "تويتر"، ولكن لابد من إيجاد مقاربات تقنية وتربوية تجعل أعضاء الموقع بعيدين عن التأثيرات والاستهداف الذي يأتي من تلك الجماعات، فكثيرون اعترفوا بأنه تم تضليلهم من خلال أصدقاء في الموقع نجحوا في تكوين أفكار سلبية في عقول هؤلاء الذين لا يجدون الرقابة الكافية للمتغيرات في سلوكياتهم وطرق نقاشهم وتحولات اتجاهاتهم الفكرية إلا حين تقع الفأس في الرأس ونسمع بهذا أو ذاك قد لحق بعمليات الجهاد المزعومة شرقا أو غربا. وفي الحقيقة توفر مواقع التواصل الاجتماعي بيئة خصبة للتواصل مع الشرائح المستهدفة وممارسة غسيل دماغ منهجي ومنظم والتأثير فيها بما يشبه التنويم المغناطيسي، لأنهم نجحوا في أمر وهمهم واختراق العقول والثغرات الفكرية لدى الضحايا، فيما لم تنجح المؤسسات التعليمية والتربوية في ذلك، ولذلك فإن هناك إخفاقاً حقيقياً في أداء تلك الأجهزة التي لم تتعامل بالمنهجية المضادة أو تستوعب أنماط ارتباط أعضاء الجماعات بالشباب الذين يتم تجنيدهم تحت أي شعارات أو مبادئ كبيرة تجعل مكاسبهم، الدينية والدنيوية، تبدو أمام أعينهم في حالة الغفلة والتيه. من المهم أن نعيد التفكير حول دور مواقع التواصل الاجتماعي ونشاط الجماعات المتطرفة من خلالها، فهي تمثل غطاء كبيرا لها ولأعمالها، ويبدو تواصلها مع المستهدفين عبرها أسهل وأكثر أمانا، ويمكنها الترويج لخطابها بسلاسة دون أي مضايقات من منهجيات مضادة أو تعقب أمني مؤثر، هذا يعيدنا إلى فكرة تطوير نمط مضاد يرصد حركة الفاعلين في المواقع عموما و"تويتر" خاصة لأن الحال إذا استمر دون وجود أي أفكار لمقاومة هذا المد المتطرف فإن الكثيرين سيتحولون إلى تلك الجماعات التي تبني قواعدها من داخل أوساطنا الاجتماعية، ونحن لا ندري أو ندرك حجم الخطر القادم إلينا عبر نافذة مفتوحة على مصراعيها لكل من هب ودب.