14 سبتمبر 2025
تسجيليمكن الجزم بأن معركة حلب هي أم المعارك في سوريا، خاصة بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الثوار على الأرض، وهي انتصارات مفاجأة لم تكن بالحسبان من حيث السرعة، فميزان القوة مختل بشكل كبير لصالح التحالف الروسي الإيراني الأسدي وحزب الله، مع امتلاك هذا "الحلف الشيطاني" التفوق الجوي. لكن هذا التفوق لم يغلب الإيمان والإرادة والتصميم لدى المجاهدين الثوار، الذين قاتلوا صفا واحدا متماسكا بشكل يثير الإعجاب، وتمكنوا خلال بضع ساعات من بسط سيطرتهم على مناطق واسعة من حلب، التي كان يهيئ نظام الأسد وحلفاؤه "الأنخاب" للاحتفال بالنصر المرتقب. المعركة المحتدة في حلب هي "ملحمة كبرى" لأنها صراع إرادات وحضارات وعقيدة ووطن وحريات، وهي الحد الفاصل بين الهمجية البربرية الدموية لـ"حلف الشيطان" الإيراني الروسي وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية وميليشيات الدفاع العلوية التابعة لنظام الأسد، وبين الحرية والحق والإيمان التي يقاتل من أجلها الثوار دفاعا عن خيار الشعب السوري بالحرية. في حلب يخوض الثوار معركة عسكرية، وفي نفس القدر يخوضون معركة سياسية، لأن الخيار الروسي الأمريكي الإيراني هو الإبقاء على نظام الأسد وعدم هزيمته تطبيقا للشعار الذي رفعوه منذ اليوم الأول "نظام لا يهزم وثورة لا تنتصر"، وهذا يعني وجود نوعين من التحالفات ضد المجاهدين الثوار في حلب، التحالف العلوي ويضم روسيا وإيران ونظام الأسد، وتحالف سفلي يضم روسيا وأمريكا، وهذا التحالفان يتقاطعان مع روسيا، ما يعني أن تحالفا "علويا وسفليا" يضم "إيران وروسيا وأمريكا" بشكل رئيسي. الإيرانيون وحزب الله والميليشيات الشيعية يقاتلون على الأرض، إلى جانب نظام الأسد، وفوقهم الطائرات الروسية التي توفر لهم غطاء جويا كثيفا، وتشن أكثر من 150 غارة يوميا "ويستخدمون كميات كبيرة من القنابل العنقودية، كأنهم يستخدمون رصاص أسلحة رشاشة"، كما يقول أحد قادة الثوار. ومع سيطرة المجاهدين على ستة من أصل تسعة أحياء في حلب، دب الرعب في قلوب الروس والأمريكيين من مكانية سيطرة الثوار على المدينة بأكملها، فهذا يعني أن ثلث المدينة الذي يسيطر عليه الأسد على وشك السقوط بيد الثوار رغم الدعم العسكري الإيراني الروسي الهائل، وهو سيناريو مخيف بالنسبة للتحالف الشيطاني، وهو ذات الموقف بالنسبة للأمريكيين الذين لا يريدون انتصارا كبيرا للفصائل السورية الإسلامية والوطنية العسكرية المعارضة، فهم يرتابون "بالمعتدلين والمتشددين" من المعارضين في الوقت نفسه، ولهذا السبب قرر الأمريكيون والروس تسريع مشاوراتهم من أجل البحث عن هدنة في حلب توقف زحف الثوار، وتبقي سيطرة النظام على الأحياء الغربية من حلب، وربما تدخل معهم في اللعبة بعض الأطراف العربية من أجل الضغط على الثوار والقول "يكفي إلى هذا الحد"، خاصة أن كيلومترا واحدا يفصل بين الثوار والأحياء التي يحتلها نظام الأسد في حلب. الوقت ليس للمفاوضات والهدنات والصفقات، وعلى المعارضة السورية السياسية أن تعمل فقط على بند واحد ألا وهو "توفير ما يكفي من السلاح" للمجاهدين والثوار في حلب، فالكلمة الآن للحسم في الميدان العسكري وساحات الوغى.