15 سبتمبر 2025

تسجيل

صلِّ على النبي ولا تبخس نفسك (2)

05 أغسطس 2013

الآن وقد عرفت ما لك بكل صلاة تصليها على نبيك صلوات الله وسلامه عليه، عليك أن تعرف ما الذي يصيب المقصر والمفرط والمتهاون، من خسران مبين، وغبن مشين، في الأجر الثمين، وما يوصم به من صفات وحالات مستكرهات، وهاكها من لسان خير البريّات، عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات، كي تكون على حذر واحتراز من الاتصاف بها، وتجتهد كل الاجتهاد في اجتنابها. فقد قال:(البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصلِ عليّ)، فكيف تبخل – رعاك الله – على نبيك وسيدك وحبيبك، بثلاث أو أربع كلمات!! ولا يقف الأمر عند الوصف بالبخل، وحسبه من نعت بغيض منفِّر من أكبر الرذائل، يأنف منه كرام الرجال ويعدونه عاباً وذاماً، بل يتعدى إلى ما هو أدهى وأمر، على كل رجل حر أغَر، واقرأ بعظةٍ وعبرة قول سيد البشر:(رَغِم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ)، رغم أنفه، أي لصق بالرَغام وهو التراب، كناية عن الذل والهوان والخسران، وفي بقية الحديث الشريف أيضاً عبرة لمن يعتبر(ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عندهُ أبواهُ الكبرَ فلم يُدخلاه الجنة). وثالثة الأثافي في قوله عليه الصلاة والسلام: (من نسيَ الصلاة عليّ خطئَ طريق الجنة)، أي الطريق الموصل إليها، الذي نسأل الله في كل صلاة مرات عدة، عند قراءة أم الكتاب، أن يهدينا إليه، بمعنى أن يثبتنا عليه فلا نضيعه ونحيد عنه، وأن نزداد عملاً واجتهاداً فيه، ويرشد إليه من ضل عنه من إخواننا المسلمين، الذي خِطْؤه مصيبةٌ على المرء، ما وراءها مصيبة، إذ إنها مصيبةٌ في الدين، الذي هو عصمة أمر المسلم، وتالياً فهي مصيبة في آخرته التي فيها معاده. مما يجب أن يُعلم، أن الدعاء محجوب وموقوف ومعلّق بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى يُصلى على نبي الله عليه الصلاة والسلام، كما جاء في الأثر، وخير صيغ الصلاة على رسول الله، هي الصلاة الإبراهيمية، التي تقال في التشهد الأخير في كل صلاة، والتي هي من أركانها عند الشافعية والأحناف. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن مما خص الله به الصائمين من فضلٍ وأجر وكرم، ما جاء في الحديث الشريف، الذي يدل على شرف منزلة الصيام، وفضل السحور وهو:(السحور كله بركة فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماء؛ فإن الله ملائكته يصلون على المتسحرين)، ومعنى صلاة الملائكة على العبد، الدعاء له، وهذا ليس فقط في رمضان، بل إنه متعلق بالصيام في أي أيام العام، فهنيئاً للصائمين المتسحرين، هذا الجود والفضل والكرم من رب السموات والأراضين، الذي لا يخطر ببال ولا توازيه نعمة ونوال، الأمر الذي يشابهون به النبي بما خصه الله به من صلاته وصلاة ملائكته عليه الدائمتين. اللهم إنا نسألك أن تصلي على عبدك ونبيك محمد أفضل ما صليت على أحد من خلقك أجمعين، عدد من صلى عليه في الأولين وعدد من صلى عليه في الآخرين إلى قيام يوم الدين، وعلى آله وأزواجه وذريته وصحبه ومن تبعهم بإحسان، وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الرحمين، صلاةً تيسر بها كل أمرٍ عسير، صلاةً تكفنا بها همومنا، وتغفر بها ذنوبنا، وسلمِ اللهم تسليما.