19 سبتمبر 2025

تسجيل

الرضا مفتاح السعادة

05 أغسطس 2012

عندما نتحدث عن السعادة قد تتغير فلسفة كل منا حول مفهوم السعادة، فقد يراها البعض في الثراء الفاحش الذي لا حدود له، وقد يراها آخر في كثرة الأولاد أي العزوة وقد تكون في الصحه أو كل تلك الأمور مجتمعة معا، فلكل منا فلسفته الخاصة في مفهوم السعادة، ولكن هناك كثيرا من الناس لا يجدون السعادة رغم أن لديهم كل شئ، بل كلما زاد المال شعروا بالتعاسة والخوف عليه أكثر من السابق مما يحرمهم متعة التمتع بالمال. يقول علماء النفس "إن كثيرا من الهموم والضغوط النفسية سببها عدم الرضا والقناعة، فقد لا نحصل على ما نريد وحتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك الرضا والاقتناع التام الذي كنا نأمله، فالصورة التى كنا نتخيلها قبل الإنجاز كانت أبهى من الواقع" وأحيانا كثيرة وحتى بعد حصولنا على ما نريد فاننا نظل نعاني من قلق وخوف من زوال النعم، ولذلك فإن الرضا هو نعمة روحية لا يصل اليها الا من قوي إيمانه بالله وبأن الرزق بيده سبحانه وإيمانه يكون أيضا بالقدر خيره وشره، فبهذا يكون على يقين بأن كل ما يصيبه من تصريف الله عز وجل ويعلم أن ما أصابته من مصيبة فباذن الله يقول سبحانه وتعالى (وما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم ). وهناك نوع آخر من الناس من هم لا يرون النعمة التي بين أيديهم ولا يعلمون قيمتها الا بعد زوالها، وهم دائما مشغولون بما لدى غيرهم من نعم ونجاح، فمهما بلغوا من النجاح لا يرون إلا نجاح الآخرين، مما يسبب لهم الشعور بالتعاسه والتوتر والقلق. قرأت قصة أعجبتني كثيرا فهي عن الأشخاص الذين لا يشعرون بما لديهم ويحتاجون دائما ان يروه بعيون غيرهم من البشر حتى يقبلوا عليه، وتحكي هذه القصة: أن رجلاَ أراد أن يبيع بيته لينتقل الى بيت أفضل، فذهب الى أحد أصدقائه وهو رجل أعمال يمتلك شركة عقارات وخبير فى أعمال التسويق، وطلب منه أن يساعده فى كتابة إعلان لبيع البيت، وكان الخبير يعرف البيت جيدا، فكتب وصفا مفصلا له، أشاد فيه بالموقع الجميل والاستراتيجي والمساحة الكبيرة ووصف التصميم الهندسي الرائع ثم تحدث عن الحديقة وجمالها وحمام السباحة، وقرأ كلمات الاعلان على صاحب المنزل الذى أصغى اليه في اهتمام شديد وقال: أرجوك أعد قراءة الاعلان، وحين أعاد عليه القراءة صاح الرجل: يا له من بيت رائع لقد ظللت طول عمري أحلم باقتناء مثل هذا البيت ولم أكن أعلم انني أعيش فيه الى أن سمعتك تصفه، ثم ابتسم قائلا: من فضلك لا تنشر الاعلان، فبيتى غير معروض للبيع. هذه حقيقة يعاني منها الكثيرون، فالكثير منا لا يرى ما يمتلكه الا عندما يفقده، أو إن يراه عند غيره، أو يراه بعين غيره كما حصل مع القصة. فلماذا نضيع الأيام دون أن نستمتع بنعم الله علينا، فلن نشعر بالسعادة بالرصيد النقدي ولا بالأولاد ولا السيارات والبيوت والزوجات، فالسعادة مصدرها القلب ولهذا كانت السعادة معنى وشعورا خاصا بالانسان وحده دون غيره من المخلوقات، فالله عز وجل ميزنا بالشعور والعقل وجعل لنا الافئدة التي نتآلف بها ونحب ونكره بها، فمن أجمل الأشياء التي تجعلنا نشعر بالسعادة بعد الرضا أن ننقي تلك الافئدة وأن نجعلها كأفئدة الطير خالية نقية، فعندما نأوي الى الفراش نأوي بقلوب وعقول لا تحمل حقدا ولا ضغينة ولا حسدا لأحد، وأن نجعل الصفح والتسامح ونسيان ذنوب الآخرين هو الحل لكى نحيا في سعادة، ودون قلق أو خوف. وأخيرا يقول الكاتب مصطفى المنفلوطى "حسبك من السعادة، ضمير نقي، ونفس هادئة، وقلب شريف" ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه وارضاه "السعادة خلو الصدر من الغل والحسد، والسعيد من خاف العقاب فأمن، ورجا الثواب فأحسن"، واسمحوا لى أن اقول إن الحياة بدون رضا لا سعادة فيها إرض عن حياتك اقنع بما كتبه الله لك من رزق تجد السعادة. وسلامتكم.