13 سبتمبر 2025

تسجيل

ماموت ونظرية "تفادي" الموت!!!

05 يوليو 2018

نعرف أن الأعمار بيد الله، وأنه لكل اجل كتاب، ولكن الله سخر لنا الأسباب لنعيش أصحاء ونبقى أحياء، ومن البديهيات، ان من يهمل أمر العناية بصحته يكون قصير العمر، وهذه سنة الحياة، وأثبتت الدراسات في الشرق والغرب، أن النساء أطول أعمارا من الرجال ليس لأنهن يسببن لهم انفجار الأوعية الدموية والمرارة والكبد والسكتات القلبية، بالنقنقة، ثم يلبسن السواد عليهم، ولكن لأنهن أكثر اهتماما بصحتهن وصحتنا نحن الرجال، بينما الرجال يستهترون بصحتهم، ويستثقلون استشارة الأطباء. مايكل ماموت أستاذ علم الأوبئة في كلية لندن الجامعية نشر كتابا عنوانه "ستاتس سيندروم status syndrome" أي "متلازمة الوضع الاجتماعي" ويقول فيه ان النجاح في الحياة  يطيل العمر، وتوصل إلى هذا الاستنتاج بعد دراسة شملت عشرات الآلاف من الأشخاص على مدى ربع قرن، وبهذا يقول إنه اكتشف ان المدير يعيش أطول من الموظف السنكوح، والمليونير يعيش – بصفة عامة – أطول من سائق سيارته، بل وان مجرد نيل ترقية يتسبب في تحسين الصحة وتقوية جهاز المناعة، وان الحاصل على ماجستير يكون في صحة أفضل من الحاصل على بكالريوس، لأن الماجستير يفتح فرص الترقي السريع وتبعا لذلك فإن حامل درجة الدكتوراه يحظى بشروط خدمة أفضل من حامل الماجستير، "ذلك أنه كلما علا شأنك الوظيفي والاجتماعي والمالي كلما كنت أكثر قدرة على التحكم في مجريات حياتك: تنام دون ان تفكر في الفواتير وأجرة البيت، واقساط السيارة ومصاريف العلاج ودراسة العيال والقرض المصرفي الذي فشلت في سداد آخر قسطين منه" ويخيل إلي ان البرفسور ماموت هذا (واسمه فيه شيء من الموت) يقصدني ويستهدفني شخصيا ببحثه، ويريد ان يقول لي ان عمري قصير، لأن كل المواصفات أعلاه التي وضعها لطول العمر لا تنطبق علي، بل يستفزني أكثر بالزعم بأن الحالة الصحية لشخص يملك بيتا به ست غرف نوم أفضل من حالة شخص عنده ثلاث غرف نوم فقط!! وقد قضيت طفولتي وصباي في بيت كانت فيه ست غرف، ولكن لم تكن ولا واحدة منها تحمل اسم "غرفة النوم"، فقد نشأت وأنا لا أعرف ان هناك غرفة للنوم وأخرى للوقوف وثالثة للعب ورابعة للوقوف، ثم نلت الشهادة الجامعية، وتوظفت وصار لي راتب لم أكن أحلم به، ولكن اكبر بيت عشت فيه لا يعادل في المساحة نصف البيت الذي نشأت فيه في شمال السودان، ولم تكن بي حاجة إلى بيت فيه ست غرف! على كل حال فإن ماموت هذا خواجة، ودراسته تثير ضجة كبرى في بريطانيا وأوروبا وامريكا، خاصة وأنها معززة بالأمثلة والأرقام، فكاثرين هيبيرن الممثلة التي نالت عدة جوائز اوسكار مثلا عاشت 96 سنة، وقرير قارسون نال الاوسكار عام 1942 ومات عن 92 سنة!! أوكي يا مستر ماموت، ولكن ما العمل كي يسعى الواحد منا لنيل طول العمر؟ عندي الحل: في كثير من البلدان يصل ضباط الجيش رتبا معينة ويحسون بأنهم يستحقون أوضاعا أفضل، فيقومون بانقلابات عسكرية فيصبح العريف عميدا ويصبح النقيب مشيرا ويصبح رئيس قسم خدمات الطعام رئيسا لهيئة الأركان، وبإمكان المدنيين فعل الشيء نفسه بالاستيلاء على السلطة في الادارات والشركات التي يعملون بها، فيطيحون بالمدراء ورؤساء الاقسام ويتقاسمون المناصب العليا، بل ويلغون المناصب التعبانة البائسة فيصبح لكل إدارة او شركة نحو 100 مدير و213 نائب مدير ويصبح بقية الموظفين رؤساء أقسام، ثم نتوجه بالآلاف إلى البنوك ونقترض منها بالهبل مبالغ ضخمة ثم نرفض سدادها!! اين سيجدون السجون التي تكفي لاستضافة مئات الآلاف؟ ثم هل عمرك سمعت ب"مدير"، دخل السجن؟ رجاء لا تقل لي ان هذه ستؤدي إلى فوضى! هذه مسألة حياة أو موت، والحكاية أصلا بايظة، بايظة.