12 سبتمبر 2025
تسجيلمنظمات المجتمع المدني أحد أهم المؤسسات الحضارية في عالمنا المعاصر، ونشاطها بمثابة تيرمومتر لتمدن المجتمعات وقدرتها على تطوير أدواتها وسلوكياتها في تحقيق النفع العام، ومنح الأفراد كثيرا من الخيارات في مجال اكتساب الخبرات والتعرف على الحياة في مجالاتها المتعددة، إلى جانب الغاية النهائية وهي نفع المجتمع بمخرجات أدائها وتحقيق إضافات مهمة في العملية التنموية والإنسانية التي تقوم بها الدول، إذ أنها أحد الأذرع القوية لممارسة دور اجتماعي ووطني فاعل ومؤثر في الحياة العامة.هذه المنظمات غير حكومية وتعرف اختصار بـ (الإنجوز)، وقد تأكدت قيمتها ونفعها للمجتمعات من خلال أداء أدوار شاملة ومتكاملة مع نظيرتها الحكومية، وقد تعمل محليا أو تمتد لتربط شعوب متجاورة أو ذات سمات وثقافات إنسانية متقاربة، أو حتى لم تتقارب حيث يمكنها تطوير علاقات الشعوب مع بعضها وفتح أواصر وروابط متجددة هدفها نقل وتبادل الخبرات، وإثراء العلاقات الشعبية.ولم تكن هذه المنظمات موجودة في الماضي البعيد، إذ يعيدها بعض الباحثين إلى نشأة محتملة في القرن العشرين، وقد أسهمت من خلال عناصرها المتطوعة في لعب دور كبير خلال الحرب العالمية الثانية، سواء بالتعامل مع النتائج السلبية لها أو محاولة إعادة العلاقات بين الدول إلى وضع إيجابي يتجاوز مرارات الحرب، ونجحت في ذلك بالفعل ما أسهم في تنوع برامجها ومشروعاتها وأكسبها حضورا شعبيا مقدرا عزز ضرورتها بعد أن ثبت نفعها.في المجتمعات العربية لا يوجد حضور فاعل لهذه المنظمات، ولديها كثير من المشكلات التي تتعلق بإدارتها، وصحيح أن هناك جمعيات تسعى لتحقيق مبادئ وقيم التكافل ونشر المعرفة الدينية، إلا أنها تعاني الخلل في استراتيجياتها الإدارية من ناحية حيث تفتقد الإدارة العلمية، ومن ناحية أخرى ليس لديها برامج تمويل ثابتة ومستقرة ما يضعف دورها، أو في أفضل الأحوال تعمل بصورة موسمية حين تحصل على تبرعات في مناسبات بعينها كشهر رمضان.مثل هذه المنظمات في الغرب تحصل على تمويل منتظم من الأفراد أو المؤسسات الربحية أو الدولة، ولديها إدارات شفافة وقوية، لذلك تنجح، وهذا ما نفتقده ولذلك نخسر، وينبغي أن نطور عمل هذه المنظمات لأنها مهمة لحاضرنا ومستقبلنا وتسد ثغرات كبيرة، وحين ننظر أليها على أنها تكاملية فذلك يؤكد أهميتها، وحين تتراجع لا بد أن يحدث نقص وقصور في نشاطنا الاجتماعي.