16 سبتمبر 2025

تسجيل

كربلاء إيرانية في الشرق الأوسط

05 يوليو 2014

لا حاجة لنا للحديث عن الرؤى والملاحم الخيالية والميتافيزيقية التي تشكل الحصيلة الفكرية والإيديولوجية للنظام الإيراني! فذلك من طبائع الأمور؟ كما لا نعتقد أننا بحاجة الي تذكير بأن النظام الإيراني قد خاض سنوات الحرب الثماني العجاف الدمويات مع العراق ( 1980/1988) برؤية إستراتيجية وتعبوية كانت تعتمد أساسا على استحضار الموروث المذهبي في التركيز على أطروحة استدعاء الإمام الغائب المنتظر في أيام المعارك الساخنة! في أعوام 1982 وما بعدها تحديدا، فتلك من الأمور المعروفة والموثقة، ولكن الجديد في هلوسات النظام الإيراني وهو يوسع من تواجد قواعده الإرهابية والعسكرية في الشرق العربي في سوريا والعراق ولبنان، هو إعادة تأكيده لتلكم الرؤى من خلال حملات التعبئة الشعبية الإيرانية للمشاركة في الحرب الأهلية العراقية ومن خلال دعوة الشعوب الإيرانية للتطوع تحت راية قيادة (معركة كربلاء جديدة في العراق)!! كما أعلن قائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي الذي يعبر خير تعبير عن عقلية وتفكير القيادة الدينية الإيرانية التي خاضت الحرب العراقية في الثمانينيات برؤية دينية مفرطة في طائفيتها رغم أنهم أوقفوا الحرب بعد تجرع كأس سم الهزيمة لكونهم لم يحققوا آنذاك هدفهم الإستراتيجي المعلن وهو إسقاط النظام العراقي السابق وإقامة البديل الديني في العراق بعد أن رفعوا علنا شعار (طريق القدس تمر من كربلاء)! وشهيرة الشعارات الحماسية التي كانت تطلقها أجهزة التعبئة الإيرانية والتي كانت تقول بالفارسية ( براي فتح كربلا.. مهدي بيا )!! أو ما معناه (من أجل فتح كربلاء تعال يا إمام مهدي)! وبعيدا عن ذكريات تلكم السنوات الصعبة والتي أريق فيها من الدماء الكثير دون جدوى، فإن المشروع التبشيري الإيراني وقتها قد شهد انتكاسة نوعية وكمية ومعنوية كبرى بعد إيقاف الحرب مع العراق عام 1988 وتبخر الحلم والمشروع الإيراني في إقامة الدولة المذهبية الدينية على النمط الإيراني في العراق، إلا أن ذلك المشروع / الحلم لم يمت بل سكن واختفى وسط ركام الأحداث وبات ينتظر التطورات وهو الأمر الذي قدمه رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين بحماقته الكبرى بغزوته الهمجية لدولة الكويت في 2/8/1990، وهي الغزوة التاريخية التي شكلت منعطفا تاريخيا حادا في تشكيل تحالفات سياسية إقليمية جديدة توجت بتحرير الكويت وعزل العراق ودخوله في أتون حصار دولي قاسي وطويل دفع ثمنه الشعب العراقي من لحمه الحي طيلة 12 عاما لاحقات قبل أن تطلق الولايات المتحدة رصاصة الرحمة على نظام صدام المترنح عام 2003 وخضوع العراق لاحتلال عسكري أمريكي مباشر جرت به وتحت عباءته مياه ودماء عديدة وغزيرة وكثيرة تحت كل الجسور العراقية! وفي خضم ذلك الصراع القاسي الطويل والمعقد؛ كان النظام الإيراني يبني قواعده ويرسخ تحالفاته الإقليمية ويعيد الجسور السياسية مع الدول المجاورة.. والأهم من كل شيء يعزز من قوى الجماعات العراقية المؤيدة له والتي نبذها بالكامل بعد وقف الحرب مع العراق ثم عاد لاحقا لاستثمار علاقته التاريخية والمصيرية بها وهو ما حدث قبل سنوات من احتلال العراق، وحيث أضحت تلكم الأحزاب والجماعات هي المشروع الإيراني وحصان طروادة الإيراني المتقدم في العمق العراقي والتي تمكن النظام الإيراني من خلالها من قطع أشواط واسعة جدا في تنفيذ برنامجه السياسي والتبشيري الممتد من كابول الأفغانية وحتى بيروت مرورا بعاصمتي الأمويين والعباسيين دمشق وبغداد..