16 سبتمبر 2025
تسجيلإن التفكر في آلاء الله تعالى وآياته تجعل الإنسان يقف على حقيقة بديع خلق الكون وأجزائه، وإن النظرة السليمة التي ينبغي أن نسلكها نحن المسلمين ليست التي تقف بنا عند ظواهر الأشياء، بل التي تحملنا من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب، ومن معرفة المخلوق إلى معرفة الخالق عز وجل الذي أنشأ وأبدع له النظام المحكم، فشهر رمضان المبارك شهر الصوم وشهر الإحسان وشهر الدعاء فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ويتقبل الله من عباده أعمالهم وتفتح أبواب السماء فيجيب الله الدعاء ويعطي لكل سائل سؤله، لذلك أمرنا المولى عز وجل أن نتضرع إليه ونسأله فقال ادعوني استجب وأخبر النبي صلى الله عليه بأنه إذا سأل عباده فإنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فينبغي على كل مسلم عليه أن يعلم أن الله عز وجل قد سلط على الناس من يوسوس لهم ويغويهم، وذلك من أجل المجاهدة والفتنة والاختبار،لذا يجب عليه أن يتحصن بذكر الله ودعائه ويتعلق برحمة ربه خاصة في هذه الأيام المباركة، لأن الله سلط الشيطان على الإنسان كما يسلط الذباب على العيون القذرة، والأوبئة على من أهمل النظافة ولا يقع في الفريسة إلا من ليس له قدرة على المقاومة، وينجو الأصحاء المحصنون بذكر الله، فالشياطين لا تتنزل إلا على كل أفك أثيم، فلقد أمرنا الخالق القادر أن نلجأ إليه وحده دون سواه وأن ندعوه، ليحمينا من شر الخلق ويقينا من أذى مخلوقاته ومن نفوسهم المظلمة.إن تلقي الفتاوى في الدين والعلم بالأحكام لا يقف عند حد وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي وتناقل الفتاوى بغير علم ومعرفة، إن مثل هذه الأمور تمثل خطرا على شريعة الله وأحكام الدين، فإن الإفتاء في مسائل الدين والشرع من المناصب الإسلامية الجليلة، والأعمال الدينية الرفيعة والمهام الشرعية الجسيمة، يقوم فيها من أنعم الله عليه بنعمة العلم وفهم النصوص بالتبليغِ عن رب العالمين، ويؤتمن على شرعه ودينه، وهذا يقتضي حفظَ الأمانة والصدقَ في التبليغ، لذا وصف أهل العلم والإفتاء بأنهم ورثة الأنبياء والمرسلين، والْموقّعون عن رب العالمين والواسطة بين الله وخلقه، فمن خصائص المفتي أن يراعي حال السائل ومناسبة الوقت وهذا باب عظيم يقوم عليه باب الإفتاء، وهو يتعاضد مع الأدلة الشرعية ولا يتعارض معها وهذا هو الحال بالنسبة للأمور الشرعية وما ينبغي أن يراعى فيها حال الناس ومناسبة الزمن والوقت، فإن لم يكن الوقت مناسبا لإظهار أمر دعوي أو رأي خاص فلا يخرجه الداعية وهذا مما ينبغي أن يتربى عليه الداعية من خلال قوته العلمية بالإضافة إلى مخالطة الناس والدخول إلى عمق مشكلاتهم والمشاركة في حلها والإصلاح بينهم والقرب من واقعهم، ولكن ما نراه وما نطالعه على صفحات الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي حول اختلاف علماء المسلمين وفتاوى جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، وتناسى هؤلاء أن هذا من أخطر الأمور التي تثير الشك عند العامة وتجعل الكثير ينظر إلى ديننا الحنيف بنظرة مختلفة عن حقيقته.فهل علم كل من يتصدر الحديث في أمر الدين وإظهار الفتاوى والأحكام ما هي شروط المفتي وهل تنطبق عليه هذه الشروط أم لا؟ أم هي شهوة الشهرة وحب السمعة التي أصبحت مرتعا للظهور والرياء وحب الذات بإصدار الفتاوى على الهواء دون رقيب ولا حسيب، وما يريد بعضهم ألا أنه يظهر بمظهر المتمكن يريد عرض الحياة الدنيا ونسي مسؤولية ما يقول فلتعلم أن من شروط المفتي أن يكون حافظا لكتاب الله عز وجل مدركا لتفسيره وأسباب نزوله ويكون على علم بأحوال العامة من الناس فالفتوى تختلف باختلاف الأحوال والناس، فنسأل المولى أن يقينا شر الليل إذا أظلم وأطبق بعتمته ومن جماعات النمامين الذين يقطعون روابط الألفة وعلاقات المودة بسعيهم ومؤامراتهم ونمائمهم، ومن شر الحاسدين الذين أكل الحسد قلوبهم فأعماهم عن الالتجاء إلى الله.