16 سبتمبر 2025
تسجيلرمضان فرصتي لتأسيس عادات إيجابية، عليك أن تتخذ تلك الجملة عنوانًا لك هذا الشهر، ولتبدأ التغيير عمَّا فاتك من العمر وما فاتك من الخير. فكم رمضان قد مرَّ علينا فيما مضى سنين عددًا، وما نرى تغيُّرًا كبيرًا في حياة كثيرٍ منا لا ازديادًا في العبادات ولا اجتنابًا لكثير من السيئات!وما ذاك والله إلا لأن المحرومين في شهر الصوم كثيرون، نَعَم والله محرومون ما ذاقوا عَبَق رمضان ولذته، وما عاشوا حقًّا أُنْس العمل الصالح وحلاوته.يمضي رمضان تلو رمضان وذكرياتهم فيه مجرد سبات نومٍ بالنهار طويل، وسهر صاخب بالليل على القيل والقال، وعبء من سيء العمل والوزر الثقيل.فإن ذُكرَ عملٌ صالح بين طيات رمضان فنجد قراءة للقرآن قليلة، ويسير صلاةٍ لا توازي في وقتها عُشرَ مِعشار ما يصرفه الكثير للهو والعبث.نعم محروم والله من أضاع ليلَه ونهارَه في رمضان فيما يُغضِب اللهَ. محروم والله من صام نهارَه وصان فيه نفسه ثم أتبع صيامه بمعصية بعد الإفطار فيطَّلع بعينِه وسمعِه على ما حرَّم الله، يُقلِّب البصر في قبيح الشاشات، ويُمعِن النظر في فاحش المشاهدات، إنهم ما تأمَّلوا ولا تدبَّروا قول ربهم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ..." [البقرة: 183، 184] صدق أصدق القائلين: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ما أسرعها! وما أعجلها! وما أنْفَسَها! وعند الصالحين ما أغلاها؟! وعند ديان يوم الدين ما أعلاها؟! فاز وربي مَن بالخير بناها، وجاهد النفس وزكاها، وخاب وربي من دسَّاها. نريد أن نجعل من رمضان هذا فرصةً للتوبة من كل معصية، ونجعله تدريبًا عمليًّا نحسِّن فيه كل أمورنا، ولنسميه (تدريب الثلاثين يومًا) فنغتنم فيه الفرصة بالإقبال على الطاعة، وهدوء النفس، واجتناب الشيطان.فتنظيم الوقت في رمضان يُعوِّدنا الحفاظ على الصلوات وصلاة الفجر خصوصًا التي ينام عنها الكثير في الشهور الأخرى. فاجعل من رمضانك هذا عبادةً وعادةً لصلاة الفجر لا تنقطع مهما حدث، وغيرها من أذكار في اليوم.وأجمل ما يجب عليك ألا تتركه بعد رمضان هو المحافظة على قراءة القرآن، فنلاحظ كثيرا من المسلمين لا يمسكون بمصحف قط إلا في هذا الشهر، عجبًا!فعوِّد نفسك في ثلاثين يومًا أن يكون لك وِرْد يوميٌّ من كتاب الله، ثم لا تقطعه بعد رمضان إلى أن يعود لك رمضان القادم - بإذن الله - فيجدك على نفس عهدك، بل وتقوى على العبادة فتشدُّ من طاعتك أكثر وأكثر وتتعاهد على عادات أكثر وأكثر كلها في الخير والطاعة والتزوُّد منها إن شاء الله تعالى.إذاً الفرصة التي أمامك هي أن تجعل كل عاداتك عبادة، حتى تنال ثوابًا على كل صغيرة تفعلها، فاجعل من رمضان بدايةً جديدةً لك. وأنت تُعلِّم أولادَك القرآن أن يكون هذا لخدمة الدين بأن تُخرج شبابًا يافعًا يحمي الإسلام، وإذا كنتَ في سيارة فاجعل الذِّكْر يجري على لسانك، وإذا كنت تقرأ علمًا اجعل نيَّتك من ذلك العلم أن تخدم الإسلام والمسلمين، وانوِ في عملك أن يكون جهدك تقوى لله وخوفًا منه سبحانه. جدد حياتك وانتهز فرصة رمضان. وداوم على ما فعلته في رمضان مدى الحياة إن شاء الله.