17 سبتمبر 2025

تسجيل

إنقاذ مصر.. إنقاذ العرب

05 يونيو 2016

مشكلة مصر والمصريين مع زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي معقدة ومتشعبة وعميقة وخطيرة في الوقت نفسه، فهذا الرجل يتحدث وكأنه يعيش في كوكب آخر غير الذي يعيش فيه المصريون، يتحدث عن إنجازات ومشاريع وازدهار وتنمية ورفاهية وعدم وجود معتقلين سياسيين وغيرها من الخيالات التي لا يمكن لعاقل أن يصدقها، ويحتار الإنسان فيما إذا كان السيسي يصدق ما يقوله على طريقة "اكذب واكذب ثم اكذب فلا بد أن يبقى من كذبك شيئا" وهي نظرية الطغاة في كل عصر وكل حين. المشكلة الكبرى أن الوقائع على الأرض تكذب ما يقول جملة وتفصيلا، فزعيم الانقلاب يتحدث في مقابلته الأخيرة مع أسامة كمال عن إنجاز مشاريع بقيمة 1.4 تريليون جنيه، وهو مبلغ ضخم بكل المقاييس، لكنه لم يقل للمصريين: ما هي هذه المشاريع وما هي الفائدة التي عادت عليهم منها؟حقيقة الأمر أنه لا يوجد أي مشروع جدي يمكن أن يشار إليه، إلا إذا تحدثنا عن ترعة قناة السويس أو "التفريعة" التي كبدت المصريين خسائر فادحة من دون أي مردود حقيقي، بل هناك حديث عن خسائر بقيمة 8 مليارات جنيه وهذا ما دفع السيسي إلى القول إن تنفيذ مشروع التفريعة كان من أجل "رفع معنويات المصريين" بعد أن عجز عن الحديث عن أي مردود مادي لهذا المشروع الذي سحب السيولة من جيوب المصريين.الفرية الأخرى التي تحدث عنها الانقلابي السيسي هي محاربة الفساد، فهو نفسه الذي قام بتحويل هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إلى المحاكمة، والتحقيق معه بعد إعلانه أن حجم الفساد في نظام السيسي بلغ 600 مليار جنيه، بدل أن يتم التحقيق في الأرقام التي أعلن عنها جنينة، وجلب الفاسدين إلى العدالة، قام بإحالة الرجل إلى المحاكمة لأنه تجرأ وتحدث عن الفساد الذي يأكل الأخضر واليابس في مصر في ظل حكم السيسي وجنرالاته ودولته العميقة.فرية أخرى تحدث عنها السيسي وهي حرية التعبير، رغم وجود 80 ألف معتقل اعترف رئيس هيئة مصلحة السجون بوجودهم، علما بأن الرقم يصل إلى 100 ألف معتقل، وهذا إنكار خطير لاعتقال عشرات آلاف الأبرياء وعدم الاعتراف بوجودهم في السجون، وبالطبع غاب عن حديثه الذين يموتون في السجون والاختفاءات القسرية والاغتيالات، وبالطبع لا يكف عن الحديث عن أهل الشر الذي أفسدوا موسم السياحة ويتآمرون على مصر وعلى نظامه الانقلابي.كل التطورات على الأرض تكذب السيسي وزمرته الانقلابية، فالدولار كسر حاجز 12 جنيها، وأسعار المواد الغذائية ترهق غالبية الأسر المصرية التي تعاني من الفقر. والسد العالي خرج من الخدمة، والعجز المائي حاليا 18 مليار متر مكعب تشكل 33% من حصة مصر من مياه نهر النيل، وآلاف الفدادين المزروعة بالأرز تعاني من الجفاف بسبب عدم وجود مياه، الأمر الذي ينذر بكارثة زراعية.الشيء الوحيد الصحيح الذي كشفه السيسي هو اعترافه بالتخطيط المسبق للانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي، قبل يوم 3 يوليو، حيث قال: "إن ما حدث في 30 يونيو تم الإعداد له قبل ذلك بكثير"، مضيفا: "استدعينا أنفسنا من أجل حبنا لأهلنا وشعبنا (..) كان ممكنا ملناش دعوة بالموضوع ده، لكن كنا خايفين على الدولة". وهذا يؤكد المؤامرة التي يحبكها ضد الديمقراطية والانتخابات وإرادة الشعب المصري، وهي مؤامرة لا تزال مستمرة حتى الآن، مؤامرة تقود مصر والعرب إلى المهالك، وهذا ما يدعونا إلى إنقاذ مصر والعرب من هذا النظام الانقلابي المدمر.