14 سبتمبر 2025

تسجيل

مسجد باريس

05 يونيو 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من بين 2260 مسجدا وقاعة صلاة (وربما أكثر) في فرنسا، يقف "مسجد باريس" وحده شاهدا على الكثير من التضحية، والكثير من التسامح، وأيضا الكثير من الإهمال.في باريس وحدها هناك 29 مسجدا، منها 3 في الضواحي، و44 قاعة صلاة، لكن 3 فقط من هذه المساجد تزدان بمئذنة، وفي فرنسا كلها توجد المآذن في 60 مسجدا، منها مسجد باريس، الذي ترتفع مئذنته 33 مترا.ترجع قصة المسجد إلى الحرب العالمية الأولى، التي قاتل فيها جنود مسلمون، أكثرهم من الجزائر، في صفوف الجيش الفرنسي، وتكريما لمن ضحى بحياته من هؤلاء الجنود خصصت الحكومة الفرنسية نصف المليون فرنك لبناء أول مسجد ـ بمعنى الكلمة ـ في باريس. واختار بُناته موقعا كان يشغله مستشفى تم نقله. ولا شك في أن الميزانية لم تكن كافية لبناء مسجد على الطراز الأندلسي، مساحته 7500 متر مربع، لهذا فإن سلطان المغرب "يوسف بن الحسن" أعلن قيام وقف لإنهاء البناء، وهو وقف أسهم فيه باي تونس وشخصيات جزائرية، ليفتتح المسجد، بعد جهد كبير، في 15 من يوليو 1926. وبعد افتتاح المسجد بثلاث سنوات، أهداه ملك مصر "فؤاد الأول" منبرا خشبيا، مازال خطباء الجمعة يصعدونه حتى اليوم.وسيدهشك ـ لا شك في ذلك ـ أن ترى ذلك "التراخي" الذي تعاملت به الحكومات الإسلامية مع مسجد هو الأول والأكثر شهرة ـ وإن لم يعد الأكبر بعد بناء مسجد إيفري كوركورون ـ في فرنسا، الدولة التي ارتوت أرضها، من قبل، بالدماء في معركة "بلاط الشهداء" فقط ليصدح صوت الأذان في جنباتها، فكيف يتراخى حكام المسلمين وقد واتتهم الفرصة لتحقيق حلم شهداء البلاط؟.سيقول قائل: كانت بلاد المسلمين مستعمرة، وكان المسلمون مستضعفين، وهو تبرير لن نصدقه حين نكتشف أن التراخي نفسه مازال موجودا، بل ـ وياللدهشة ـ حين نعرف أن ما أنفق على المسجد، لينهض بناؤه وحديقته المبسوطة على 3500 متر، في عشرينيات القرن الماضي، أكثر بكثير مما يحتاجه المسجد اليوم، فلا يجد من ينفقه عليه!أماكن الوضوء في المسجد ـ مثلا ـ تدهور حالها حتى أصبحت أسوأ من دورات المياه في مطاعم الدرجة الثانية في باريس، ولا يجد القائمون على عمارة المسجد ما يكفي لإصلاحها، بينما أجدادنا مؤسسو المسجد عرفوا كيف يبنونه على الوجه الأكمل، بل عرفوا كيف يجملونه ليكون معبرا عن حضارة الإسلام، وبين أجمل ما يزدان به المسجد ثريا تزن 300 كيلو جرام تتدلى من قبته، فهل نعجز اليوم عن جمع ما يعادل ثمن هذه الثريا فقط لنرمم ما لابد من ترميمه في المسجد؟.تبقى الإشارة إلى أن نحو 1600 من اليهود، الفارين من ظلم النازي، احتموا بمسجد باريس خلال الحرب العالمية الثانية، والمؤسف أن عددا من هؤلاء ذهب بعد ذلك إلى "فلسطين" ليهدم مساجدها ويحرقها، ويقتل أهلها!مسجد باريس معلم إسلامي وإنساني بالغ الأهمية، تسللت إليه يد الإهمال من "شقوق" الخلافات السياسية، فمن يمد يده لينقذه؟.