16 سبتمبر 2025
تسجيلعندما فكرت يوماً بتتبع أخبار مصر بعد الثورة قلت في نفسي ما الجديد؟!.. سيحكم المجلس العسكري البلاد، وهو إحدى (بقايا) نظام مبارك ولن يهدأ غضب الثوار وستستمر الثورة حتى قطف الثمار الأولى للانتخابات الرئاسية الحرة وسيختار الشعب من يمثل ثوار ميدان التحرير وعمار عمار يا مصر!..هذه الحدوتة الصغيرة التي دارت في مخيلتي بعد أن أسهبت أثناء اشتعال الميدان بهتافات يسقط مبارك، والشعب يريد إسقاط النظام حتى أعلن المرشحون دخول معترك مَن الرئيس القادم إلى مصر؟ وازدحمت قوائم المرشحين ما بين مواطن مغمور حتى سياسي محنك، وما بين شخص أراد تحريك العواطف المصرية الحالمة بلقمة عيش سهلة، وآخر لا يزال يحلم بالقومية العربية التي تضمنها برنامجه الانتخابي في مقاطعة إسرائيل والانحياز الجاد والمعلن لحقوق الفلسطينيين والانسحاب من المعاهدات، وكلام كثير أقل ما يوصف به إنه كلام فارغ، لاسيما في ما يتعلق بالمعاهدات القديمة المتجددة مع إسرائيل وكأن دخول (الحمام) مثل الخروج منه، وهو المثل الدارج على ألسنة المصريين، ولتصغر القائمة في إعادة غربلة المرحلة الأولى للانتخابات إلى اثنين رصد المجهر الشعبي انحيازه لهما، وهما الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع، بينما لا تزال البقية ومنهم (فارس الخارجية المصرية في زمن راح وولى) وأمين عام الجامعة العربية حتى قبيل انتصار الثورة وسقوط مبارك وفشله في منصبه القديم فشلاً ذريعاً تماماً، كما يفعل نبيل العربي اليوم على نفس الكرسي يراوحون مكانهم ويبدو أنه سيعلن عدم فوزهم حتى بمهمة غفير على أبواب القصر الرئاسي المصري!.. المهم!.. إن حدوتة مصر كبرت وكبرت.. واستمرت الثورة مع مبارك وبعده طنطاوي واليوم يعود شبح مبارك للظهور في آخر المسرحيات التي تثبت أن مصر لم تنل حتى اليوم (استقلالها)، المفترض أن تكون عليه بعد ثلاثين عاماً قضتها في احتلال (مباركي) بعد الموشح الذي ابتدر به أحمد رفعت قاضي جلسة النطق بالحكم على مبارك، والمؤكد أن الثورة (المباركة) التي قامت في الخامس والعشرين من يناير على أرواح الشهداء، وعرق الشرفاء الذين واصلوا الليل بالنهار للمضي في رسالة الحرية لن تذهب سدى وليعلن بعدها أن مبارك الذي ناهز الثالثة والثمانين من العمر محكوم عليه بالمؤبد هو ووزير داخليته المجرم حبيب العادلي، الذي قتل الشباب وحاول تفريقهم ببعض الجمال وبلطجية السكك والحواري، بينما المساعدون والذين اعتبرهم الشعب الأدوات التنفيذية لهذين براءة براءة براءة ولتعاود المظاهرات في مطالبات جديدة تهتف (الشعب يريد تطهير القضاء)!..وزادت الحدوتة المصرية حجماً وضخامة في وصول شفيق أحد توابع نظام مبارك على عتبة سدة الحكم المصري، وهذا في نظري إجهاض صريح لمن يحلمون مثلي بمصر جديدة، وفي هذا أنا أسجل وقفة اعتراض مع والدتي التي فسرت الأمر على إن (شفيقاً) أدرى بشعاب مصر وهو القادر على تلمس احتياجات الشعب المعنوية والمادية، التي افتقر إليها في حكم المخلوع (المدلل) حسني مبارك، وسيأخذ درساً مما جرى لمبارك وسيتجنب كل (بلاويه)، وسيعمل العكس، وليت الأمر هكذا يا أمي!.. ليتهم يتعظون ويدبرون ويفعلون!.. ليت اللاحقين تعلموا من السابقين ولما شهدنا سلسلة من أيام ما يسمى بـ (الربيع العربي) وأخذ التونسي درساً من صدام وتعلم المصري حصة من التونسي وشبع الليبي دروساً من المصري وبعده اليمني والآن السوري، ولو كان الأمر كذلك والله ثم والله لفكر شفيق ألف مرة قبل أن يرشح نفسه وينتقل بشاشات عملاقة في حواري وشوارع مصر لشرح برنامجه الانتخابي خشية أن يلقى مصير مبارك في إخلاء قصر الرئاسة والانتقال إلى كرسي المرض، ولذا ليس علينا أن نحلم بالمزيد من الشعور الإنساني والشفقة التي يحمل الفريق شفيق معظم حروفها ولتزداد الحدوتة المصرية فصولاً أكثر ديناميكية ودراماتيكية يتشاجر في تحليلها رجل الشارع المصري البسيط مع المثقف، فيقول الأول واثقاً (حيعمل) ويرد عليه الآخر مستنكراً (حيسرق)، فيذكره الأول مستنكراً (ده شفيق! شفييييق يا راجل.. ما يصحش)!!. فاصلة أخيرة: حدوتة مصر (السلام عليكو) يقولها الداخل والخارج معاً!!.