14 سبتمبر 2025

تسجيل

تصريحات إيرانية ليست عابرة

05 أبريل 2015

التطورات الدامية في اليمن تنقل المنطقة العربية إلى حالة من الفوضى اللامحدودة، وتضع العالم العربي في قلب النار من الشمال والجنوب، ففي شمال العرب تشتعل النيران في العراق وسوريا وفلسطين وسيناء وليبيا، وفي جنوبه تشتعل النار في اليمن، بعد أن فقد العرب جنوبهم السوداني الذي تحول إلى دولة جنوب السودان، وغاب الصومال في الجنوب الأقصى عن الخارطة رغم أن الحرب تستوطن فيه منذ أكثر من ربع قرن. الحرب الدائرة في اليمن تعني أن شبه الجزيرة العربية، مسقط رأس الجنس العربي، أصبحت مهددة بدورها إلى الدخول في "المعمعة"، مع ما لهذه الجزيرة من أهمية دينية وثقافية واقتصادية ونفسية، فهي أصل العرب ومهبط الوحي والرسالة الإسلامية، وأساس الثقافة العربية الإسلامية، وعلاوة على ذلك تشكل بالنسبة لكل العرب في العالم، بعدا حضاريا ممتدا عبر العصور والتاريخ، الأمر الذي يجعل من شبه الجزيرة العربية حالة خاصة فكريا وعاطفيا وشعوريا لدى جميع العرب.هذه الجزيرة الآن محاصرة بالنيران الإيرانية من الشمال والجنوب، وهي نيران تشتعل بقوة الفكر والعقيدة والأيديولوجيا قبل السلاح والرصاص والقنابل، فالذين يقاتلون في اليمن عرب، والذين يقتلون هناك عرب أيضا، وفي العراق وسوريا القاتل والمقتول من العرب، إذا استثنيا الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. مما يعني أن "الحطب" الذي تشعل فيه إيران نيرانها هو "عربي" وهذا لا يكبدها أي خسائر على الإطلاق.العدوان الإيراني على الأمة العربية "حقيقة" وهو فعل تحركه الأحقاد التاريخية، والأطماع الإمبراطورية، وتسوية الحسابات القديمة، من ذي قار إلى القادسية، وهذه الأمور ليست من نسج الخيال، فقد صرح المستشار الأول للرئيس الإيراني علي يونسي، قبل أيام، أن "إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتها وثقافتها وهويتها"، في إشارة إلى إحياء الإمبراطورية الفارسية الساسانية التي كانت موجودة قبل الإسلام، والتي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.وأضاف يونسي أن جغرافيا وثقافة إيران والعراق غير قابلتين للتجزئة، وأن كل منطقة "الشرق الأوسط" إيرانية، وسيتم الدفاع عنها بكل قوة، لأنها جزء من إيران، مشيراً إلى أن بلاده تنوي تأسيس اتحاد إيراني في المنطقة.أما رئيس تحرير القسم العربي بوكالة "مهر" الحكومية الإيرانية، حسن هاني زاده، فقد طالب العراق بالتخلي عن "العروبة الزائفة والتمسك بالإسلام الحقيقي" ويقصد هنا التشيّع الرسمي في إيران. ودعا الكاتب، إلى وحدة العراق وإيران مطالباً العراق بأن "ينفض ثوبه من تراب الذل العربي" وقال: "لا شك أن بين الشعبين الإيراني والعراقي وشائج دينية وتاريخية تربط كلا الشعبين على مر التاريخ". بالطبع وشائج بلا عروبة أو إسلام. وادعى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني "أن إيران قادرة على التحكم بالأردن، وأن لبنان والعراق يخضعان لطهران".وربما كانت القصيدة التي ألقاها أكبر شعراء إيران مصطفى بادكوبه في المركز الثقافي لبلدية همدان، وهو مركز حكومي بحضور رجال دين شيعة وعنوانها "أسئلة إلى إله العرب": "يا إله العرب.. أنت تهدد بأنك ستلقيني في نار جهنم.. لا يهم، ولكن ما أطلبه منك أن أسمع حرفا عربيا واحدا في جهنم.. يا إله العرب ألقني في جهنم ولا تسمعني حرفا من العرب".هذه التصريحات من هؤلاء الرجال الإيرانيين المرموقين ليست حالة عابرة، فقد تحولت الجامعات الإيرانية إلى "معامل" لإنتاج الكراهية ضد العرب، و"فقاسات" لتفريخ البغض. وهو عبارة عن حالة ممتدة عبر التاريخ الفارسي الشعوبي ضد الإسلام والعرب والعروبة، وهناك كتاب صدر منذ سنوات عن "صورة العربي في الأدب الفارسي" مسح هذا الأدب وأظهر الصورة البشعة التي تسبغ على العرب، وهي لا تبتعد عن صورة العربي في الأدب اليهودي الإسرائيلي، وهذا مبحث يمكن أن أناقشه فيما بعد بإذن الله.لابد من "اجتثاث" التورط الإيراني في العالم العربي، قبل أن يستفحل بعد الاتفاق مع الغرب، الذي أقر بحصة إيران من "كعكة" المنطقة، فالغرب وإيران تقاسموا العالم العربي جهارا نهارا. وهذا ما يجعل من قطع الأذرع الإيرانية في عالمنا العربي ضرورة ملحة.