19 سبتمبر 2025

تسجيل

الأصوات المسموعة

05 أبريل 2013

تهمس من حولنا أصواتٌ خافتة مترددة، تحاول بوجل أن توصل للآخرين من حولها كلمة أو أنّة شكوى أو ألم، لكن هيهات للصوت الخافت أن يُسمع، فكلما حاول أن يتلمس له طريقاً، وجد له من يكتمه. فالأصوات المسموعة من حولنا هي أصوات الأقوياء ومن سلبوا القوة من غيرهم ومن امتلكوا الجرأة ليصرخوا ويصّموا آذان الناس من حولهم ويحتكروا من بين الجميع فضاء الأصوات. فملايين من البشر لا صوت لهم ولا تسمع شكواهم من الفقر والجوع والأمراض والأوبئة أو الحروب، بينما تتعالى بشدة الأصوات (القوية) حتى تكاد تصمَ آذاننا بتفاهاتها متباهية بعلاقة عابرة، أو ثمن حذاء أو فستان، أو كلب خرج من منزله ولم يعد. فالكثير من الحوادث والأحداث الصغيرة الخاوية المعنى والخالية من القيمة والأهمية لكن صداها يرن ليتردد في أرجاء الدنيا الأربعة، لا لشيء إلاّ لأن هذا الصوت صادر من طبقة (الأصوات القوية)، بينما تودي كارثة ما بحياة آلاف البشر، لكننا نكاد لا نسمع بها لأنها لا تستحق في نظر العالم أكثر من سطر في جريدة، أو خبر في شريط الأخبار. ربما لم يخطر ببالنا يوماً أهمية الصوت وجدواه وتأثيره في حياتنا، فمثلما من حق الإنسان العيش على ظهر هذا الكوكب، من حقه أيضاً أن يضمن لصوته الوصول، أي أن يكون صوته مسموعاً، وأهمية الصوت لاتقتصر كقيمة في المشاركة (التصويت) لانتخاب من يمثلّونه في تسيير حياته عبر السلطة أو المؤسسة السياسية، وإنما أحقية أن يكون لكل فرد منا صوت يطلقه ليعبر به عن ذاته ويطالب بحقوقه كافة، ففي عالمنا هذا أن يكون لك صوت إذن أنت موجود... واليوم وعلى الرغم من ان قمع الأصوات لا يزال يجد له وسائل جهنمية يتفنن أصحابها في قمع وإسكات أي صوت، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة أعطت الفرصة لعدد لا يستهان به من الناس لأن يعبّروا عما حولهم ويحيط بهم بالرفض أو القبول، وربما لولاها لما ظهرت للنور هذه الثورات العظيمة التي انتفضت فيها الشعوب العربية، والمعروفة بثورات (الربيع العربي). ورغم الدور الفعال الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في منح الحق للأشخاص العاديين فان هذا الحق لا يزال بالرغم من كل شيء يمثل رفاهية لا يتاح لملايين من البشر استخدامها لايصال أصواتهم من خلالها، لتبقى أصواتهم مكتومة لا يصل صداها لأبعد من أفواههم.