09 نوفمبر 2025

تسجيل

قطر تحرر ليبيا

05 أبريل 2011

اليوم يجب أن نعترف بأن قطر باتت مختلفة عن دول المنطقة، وأن سياستها أصبحت غير متوحدة مع سياسة المنطقة النائية عن اتخاذ قرارات صعبة ومصيرية مثل التي اتخذتها الدوحة في المشاركة مع قوى التحالف الغربي التي استصدرت قراراً دولياً بفرض حظر جوي على الطيران الليبي التابع للمخبول القذافي، وضرب مواقع قواته المنتشرة لضرب الثوار والشعب الأعزل.. فرغم الحَيرة المستمرة التي تلاحقني في تأييد أو معارضة ضرب أرض عربية من قبل جهات أجنبية تستطيع وقت ما تشاء أن تستبيح أراضينا وتغلف اعتداءاتها علينا بغلاف شرعي صادر من المظلة الأممية، فإننا يجب أن نعترف بأن قرار الحكومة القطرية في المشاركة كدولة عربية (وحيدة) مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول غربية أخرى كان قراراً جريئاً ومتفرداً استنكرته عليها الكثير من دول المنطقة، وأشارت إليه الجامعة العربية على لسان أمينها العام السيد عمرو موسى بكثير من التخفظ والوجوم، ومن هنا كان السرب القطري يحلق منفرداً وسط تأييد لهذا القرار أو استنكار له، سواء من داخل قطر أم خارجها، فهكذا هي الديمقراطية التي تعلمناها في أن نبدي رأياً ولا نخفيه وقد نعترض لكننا نحترم قرار الحكومة التي ترى في الأمر ما لا نراه نحن عامة الشعب.. وربما سقت اليوم هذا الحديث بعد أن نشطت بعض الأقلام في الصحف العربية والخليجية في تناول المشاركة القطرية في (العدوان) على ليبيا، كما يصفه بعضهم، متناسين أن من وجب عليه حماية وصيانة أرض ليبيا وشعبها هو القاتل المأجور المخبول الذي استملكها أكثر من أربعة عقود، ولم يكن له نائب ولا دستور.. وحكم البلاد والعباد بناء على أفكاره وقناعاته ومعتقداته وضمنها كتاباً أخضر كان مصيره الحرق على يد الثوار، ومن أرادوا أن يغيروا واقعهم وفقرهم الذي كان يمكن أن يكون غنياً بفضل ثروات بلادهم النفطية غير المحدودة، وأنا هنا لا أكتب دفاعاً عما اتخذته قطر في مشاركتها الفعلية في الحظر الجوي على ليبيا ووقف عدوان القذافي وأبنائه على الأبرياء العزل، لكني أحيي من استشعر فينا كشعوب عربية ملت وماتت من الاستنكار الصوري، والإدانة الهزلية التي سئمنا ـ ومنذ ولدنا ـ من سماعها مثل الأسطوانة المشروخة من باب أن مزمار الحي لا يطرب !.. مللنا من النظر والرفض ثم الصد واللامبالاة لما يجري أمامنا، فلماذا كان الاستنكار اليوم على قطر، وهي تتجاوز سور الاستنكار الصوري إلى الاستنكار الفعلي، وتسمون ما فعلته خروجاً عن القيم العربية باعتبار أن السكوت على مجازر المخبول القذافي هي القيم العربية الأصيلة بعينها؟!.. وفي نفس الوقت هناك ما يمكن أن نتخوفه حقيقة من أن يصبح شعب قطر ومن ينتمي إليها مستهدفاً من قبل التابعين لهذا الأبله ومن يناصره في الخارج، فالأخبار المتطايرة هنا وهناك تزيدنا خشية على أحبتنا وأقاربنا وشعبنا، ويجب أخذ الحيطة والحذر من أن نسمع يوماً من الأيام ما يجعل هذه الأخبار حقيقة لا سمح الله، ومع هذا فالله خير الحافظين لكل ما يمكن أن نخشاه من جراء ما يمكن أن يفهمه الآخرون شذوذاً عن القاعدة العربية من قبل دولتنا الفتية، التي بالتأكيد ترى في الشأن الليبي ما عجزنا نحن على فهمه واستيعابه، من أخذنا للأمور بعاطفة تغلبنا.. وتسرع في إبداء رأي لا يوافق التحرك القطري الفعلي.. على النحو الذي نراه اليوم من مشاركة ملموسة لقوى التحالف في لجم جنون القذافي الذي بات مترنحاً في منصبه وآيلاً للسقوط، بإذن الله، وخشية من أن تكون ليبيا عراقاً آخر، وهذا هو الخوف الأعظم الذي ندعو الله أن يجنبنا إياه آجلاً وعاجلاً. فاصلة أخيرة: حفظ الله قطر وصقورها، وأقر أعيننا برؤيتهم سالمين غانمين عائدين إلى الوطن بسلامة الله وحفظه، وتأكيداً على أن المهمة كانت تحرير ليبيا، وليست المشاركة على استعمارها كما يرى البعض!