11 سبتمبر 2025
تسجيلمع الخطوة التاريخية والمتقدمة لمجلس التعاون الخليجي في تحديد مكامن الخطر والخلل، وتصنيف حزب الله اللبناني والمنظمات والجماعات المنبثقة عنه كجماعات إرهابية، تدخل عملية إدارة الصراع في الشرق مرحلة جديدة ومختلفة، لحمتها وسداها العمل الحثيث لتجفيف منابع ومصادر ذلك الإرهاب الذي تحول لحالة مرضية ساهمت في تعطيل وشلل عدد من الدول العربية وإدخالها ضمن دائرة الدول الفاشلة، فحزب الله اللبناني مثلا الذي سوق نفسه من خلال شعارات المقاومة والممانعة والصمود والتصدي اتضح لاحقا بأن منهجيته وأجندته لاعلاقة لها أبدا بالمصالح الوطنية، بل أنها ترتبط بقيادة مركزية أممية تخطط لمصالحها الخاصة ولأجنداتها الوطنية أيضا. وهذه الحالة تشبه إلى حد بعيد أيام الحرب الباردة في خمسينيات القرن الماضي وما تلاها حينما كانت موسكو كعبة للفكر الشيوعي والماركسي وكان الاتحاد السوفياتي الراحل الكعبة الآيديولوجية لمجاميع الأحزاب الشيوعية التي كانت مندرجة ضمن إطار ما عرف في حينه بـ (الأممية الثالثة).. وحيث كانت موسكو المحور الذي تدور حوله مناهج وسياسات وولاء الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث حتى قيل على سبيل التندر من إنه إذا أمطرت في موسكو رفع الشيوعيون العرب مظلاتهم!!، وحالة حزب الله أو أحزاب الله في المنطقة متشابهة بعد أن تمكن الإيرانيون من خلال ذلك الحزب بالتباهي والقول بأنهم تمكنوا من الهيمنة على أربع عواصم عربية ومن أنهم جعلوا الجندي الإيراني يتمشى بحرية بين كابول في وسط آسيا وبيروت على البحر المتوسط مرورا بعاصمتي الخلافة بغداد ودمشق!! حزب الله هو جزء من المشروع الإمبراطوري الهمايوني الإيراني بنسخته المنقحة الجديدة.. وبهذه الصيغة وذلك التوصيف عمل جاهدا من أجل تسويق الرؤى الإيرانية والتآمر على دول المنطقة، وفتح معسكرات التدريب للعناصر الشبابية المؤمنة بذلك المشروع متخذين من فوضى الأوضاع العراقية ميدانا عمليا للحشد والتعبئة، وجاءت الحرب السورية لتضفي على المشهد أبعادا درامية دموية زاعقة من خلال مشاركة حزب الله الفاعلة في قيادة الجموع الطائفية الرثة القادمة من العراق وباكستان وأفغانستان في إدارة حرب دموية رهيبة ضد الشعب السوري قدم فيها الحزب خسائر بشرية عالية جدا ومكلفة من قيادات ميدانية شهيرة وبما جعله في مواجهة حقيقية مع الشعب السوري الثائر ورسم أخاديد الدم والكراهية في العلاقة بين الشعبين الشقيقيين وهو يدافع عن نظام إرهابي إجرامي بصليل شعارات طائفية رثة ليست من ضمن حسابات الثورة السورية الشعبية الباحثة عن سوريا حرة وديمقراطية وحضارية ودستورية، لقد توضح دور حزب الله التخريبي كبندقية إيرانية للاستخدام والإيجار للأسف وتهاوت أسطورة المقاومة أمام إصرار قيادة الحزب على توريط الشباب اللبناني في المحرقة السورية والمضي بعيدا في «ممالئة الأطماع الإيرانية» وتصعيد الروح الطائفية، لقد صبرت دول مجلس التعاون طويلا على القذى وكان لابد لقوس الصبر من منزع، وكان لابد من تحرك ميداني يضع الأمور في نصابها ضمن إطار الدفاع المشروع عن الأمن الوطني والقومي الذي أصيب في مقتل بعد تمدد النشاط التخريبي للحزب لجنوب الجزيرة العربية واعتراف حسن نصر الله المخزي أمام الملأ من أن حربه ضد السعودية هي أقدس من الحرب ضد إسرائيل!! لقد بانت الحقائق العارية وتبين الخيط الأبيض من الأسود من الغدر، بدون شك إن معركة تجفيف المنابع الإرهابية ليست سهلة أبدا ولكن ليس من المستحيل كسبها، لكونها ذات تفرعات وأطر ومجالات متعددة ومتشابكة أخرى، لقد بدأت الخطوة المركزية الأولى في طريق هزيمة الإرهاب الفاشي الأسود، وما زال الملف مفتوحا على احتمالات وتطورات عديدة قادمة وشائكة ومتداخلة، لا للإرهاب بكافة صيغه وأشكاله، نعم للأمن والسلام والبناء.