12 سبتمبر 2025
تسجيلإن الحق سبحانه وتعالى قد من علينا بنعمة الاسلام وأمرنا ان نطبقه في حياتنا وعلى الارض فهو يمثل نظام حياة شامل وعليه وجب على الانسان ان ينشأ على الدين الإسلامي ويتربى في ربوعه وفي عزة لأنه أساس الحياة يتفق مع الطبيعة البشرية والحياة الفطرية اتفاقا تاما، كثير من الناس وبالأخص من العاملين في الهيئات الحكومية ترى منهم ما يسعد القلوب حيث تراهم يتقربون إلى الله بأداء كثير من الفرائض تقربا إلى خالق السماوات والأرض، فتظهر عليهم حالة التدين التي تسعد البشرية فالشباب يؤدون الفريضة والنافلة ومنهم من يصوم لله تطوعا،فحالة التدين على أشدها بينهم والعاملات منهن محجبات وقبل أذان الظهر بقليل ينقطع العاملون جميعا تماما عن العمل، ويشرعون في الوضوء وفرش سجاد الصلاة في الطرقات استعدادا لأداء صلاة الجماعة، بالإضافة إلى اشتراكهم في رحلات الحج والعمرة التي تنظم فيما بينهم، فلتعلم الأمة وتتذكر وتستشعر بل وتستيقن أنه لا رفعة ولا سداد ولا توفيق ولا رشاد إلا باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، والمسيرة الجادة على هديه في الاعتقاد والأعمال والسلوك والأخلاق وفي الحكم والتحاكم "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".فما أجمل أن يكون الإنسان متدينا ورغم هذا كله سرعان ما تكتشف أن كثيرا من العاملين بالرغم من التزامهم الصارم بأداء الفرائض، يرتكبون انحرافات جسيمة كثيرة بدءا من إساءة معاملة الناس والكذب والنفاق وظلم العاملين وحتى الرشوة ونهب المال العام، ألم يعلم مثل هؤلاء العامل الذي أظهر حقيقة التدين شكلا ومظهرا ولكن للأسف لم ينعكس ذلك على سلوكه،ألم يعلم ان الذنوب والمعاصي تحجب المرء عن نور الله من علم وهدى ومعرفة، فصاحب السلوك السييء من يخالف ظاهره باطنه يكون عنصرا سيئا في المجتمع فلا يفيد المجتمع وتكثر الفواحش والرذائل التي تفتك بالمجتمع المسلم، ولكن لابد أن يسعى كل مسلم لإصلاح نفسه وإبعادها عن خطر المعصية فيستفيد بنور الله من علم وهدى ويفيد مجتمعه الذي يعيش فيه، لذلك لابد أن تعلم أنه لن يفتح لك بابا إذا أغلق الله باب رحمته في وجهك، وتوقع حينها كل أمر يحدث لك ومنازل الناس في الدنيا من السعادة والشقاوة على حسب منازلهم في الدنيا وتقربهم فيها بالإيمان والعمل الصالح، فاستمع إلى عبد الله بن عباس وهو يقول: "إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق" فكيف يمكن أن يكون المسلم الأكثر تدينا والأكثر انحرافا في نفس الوقت يسعى إلى إشباع شهواته الخسيسة وهو يتظاهر بالتقوى، فالمسلمون متدينون فعلا عن إيمان صادق لكن كثيرا منهم يمارسون انحرافات بغير أن يؤلمهم ضميرهم الديني "لا يجب التعميم بالطبع"، فيوجد متدينون كثيرون يراقبون ضمائرهم في كل ما يفعلونه.إن المجتمعات تمرض كما يمرض الإنسان ومجتمعنا العربي المسلم يعاني الآن من انفصال العقيدة عن السلوك وانفصال التدين عن الأخلاق وهذا بسبب الطمع وحب الدنيا الذي يؤدي بالضرورة إلى شيوع الكذب والغش والنفاق، والقراءة عن الدين إجرائية أكثر منها سلوكية بمعنى أنها لا تقدم الدين باعتباره مرادفا للأخلاق وإنما تختصره في مجموعة إجراءات إذا ما أتمها الإنسان صار متدينا،لا وألف لا، إنما التراث الإسلامي حافل بما يؤكد أن الأخلاق أهم عناصر الدين لكننا لا نفهم ذلك أو لا نريد أن نفهمه فالنبي صلى الله عليه إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فإن الفهم القاصر للدين سبب رئيسي في تردي الأوضاع في العالم الإسلامي،فالفضيلة تتحقق بالتدين الحقيقي المرادف للأخلاق، فإن التدين الحقيقي يجب أن يتطابق مع الأخلاق، وإلا فإن الأخلاق بلا تدين أفضل بكثير من التدين المجرمين، فمن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند، فسارع إليه بالتوبة قبل فوات الأوان، ولا تجعل هذه النشوة المؤقتة تذهب بك إلى منزلق خطير وتطيش بك إلى منحدر سحيق حيث التمرغ بأوحال الخطايا والآثام فتنسيك نفسك وتفسد عليك أمرك وتكون من أصحاب هذه الآية، يقول الله تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) الحشر 19.